أحجار كريمة نارية تكشف أسرار الماضي العنيف للقمر

صور مجهرية للزجاج البركاني القمري
صور مجهرية للزجاج البركاني القمري
كتب – رامز يوسف:

عندما وطأت أقدام رواد فضاء أبولو سطح القمر لأول مرة، توقعوا العثور على صخور رمادية وغبار، لكنهم فوجئوا بخرزات زجاجية برتقالية صغيرة لامعة متناثرة على سطح القمر كأحجار كريمة مجهرية.

هذه الخرزات، كل منها أصغر من حبة رمل، هي في الواقع كبسولات زمنية قديمة تعود إلى فترة نشاط القمر البركاني قبل مليارات السنين. تشكلت هذه الخرزات قبل حوالي 3.3 إلى 3.6 مليار سنة خلال ثورات بركانية على سطح القمر الذي كان في طور التكوين آنذاك.

تبدأ قصة هذه الخرزات الزجاجية بنشاط بركاني متفجر كان من المدهش مشاهدته. تشكلت هذه الخرزات عندما أطلقت البراكين القمرية مواد من باطنه إلى سطحه، حيث تجمدت كل قطرة من الحمم البركانية على الفور في الفراغ البارد المحيط بالقمر.

تبدو الصورة شبيهة بنوافير الحمم البركانية الشهيرة في هاواي، ولكنها تحدث في بيئة الفضاء الخالية من الهواء. بدون غلاف جوي يُبطئها أو عوامل جوية تُسبب تآكلها، ظلت هذه الكرات الزجاجية الصغيرة نقية لأكثر من ٣ مليارات سنة.

لخمسين عامًا، حُفظت هذه العينات في المختبرات في انتظار التكنولوجيا لتواكب الفضول العلمي.

يقول ريان أوجليور، أستاذ مشارك في الفيزياء بجامعة واشنطن في سانت لويس “إنها من أروع العينات الفضائية التي لدينا، هذه الكرات هي كبسولات صغيرة نقية من باطن القمر”.

الآن، تمكن الباحثون أخيرًا من النظر داخل الكرات باستخدام تقنيات مجهرية متقدمة لم تكن موجودة خلال عصر أبولو.

استخدم فريق البحث أدوات متطورة متعددة، بما في ذلك حزم الأيونات عالية الطاقة والمجهر الإلكتروني، لتحليل الكريات دون إتلافها. وكان عليهم توخي الحذر الشديد لحماية العينات من الغلاف الجوي للأرض، الذي قد يُغير المعادن القديمة على أسطحها.

ما يجعل هذه الكريات ذات قيمة علمية كبيرة هو أنها تأتي بألوان وتركيبات مختلفة، تروي فصولاً مختلفة من قصة بركان القمر. بعض الكريات برتقالية لامعة، والبعض الآخر أسود لامع، ويكشف كل نوع معلومات عن أنواع مختلفة من الانفجارات البركانية التي حدثت على مدى ملايين السنين.

تُستخدم المعادن والتركيب النظائري لأسطح الكريات كمجسات لدراسة اختلاف الضغط ودرجة الحرارة والبيئة الكيميائية للثورات القمرية قبل 3.5 مليار سنة.

اكتشف العلماء أن نمط النشاط البركاني تغير بمرور الوقت، ما يوفر رؤى ثاقبة حول كيفية تطور باطن القمر. وكما وصفها أوجليوري بشاعرية، فإن تحليل هذه الخرزات “يشبه قراءة مذكرات عالم براكين قمري قديم”.

تحتوي كل كرة صغيرة على أدلة حول الظروف في أعماق القمر خلال حقبة كان فيها نظامنا الشمسي لا يزال فتيًا ونابضًا بالحياة.

تُذكرنا هذه الخرزات الزجاجية بأن القمر لم يكن دائمًا ذلك العالم الهادئ والخامل الذي نراه اليوم. فقبل مليارات السنين، كان مكانًا نشطًا جيولوجيًا، حيث كانت البراكين المتفجرة تُشكّل هذه النوافذ المجهرية الجميلة على تاريخ القمر، والتي لا تزال تكشف أسرارها للعلم الحديث.

المصدر: Universe Today

اقرأ أيضا:

الأرض تخسر الحد الكوكبي السابع: كارثة في المحيطات

قد يعجبك أيضًأ