كتب – باسل يوسف:
قد تُسجل نقطة حمراء على صخرة على شكل وجه في إسبانيا أرقامًا قياسية. إذ يبلغ عمرها حوالي 43 ألف عام، قد تكون هذه النقطة أقدم بصمة إصبع بشرية مُسجلة.
إنسان نياندرتال هو أقرب قريب منقرض للإنسان الحديث. وانقرض منذ حوالي 40 ألف عام، لكنه سكن أوروبا لمئات الآلاف من السنين قبل وصول الإنسان الحديث المبكر إلى القارة.
يُجادل الباحثون في دراسة جديدة بأن النقطة الحمراء تُمثل أنفًا على صخرة بملامح تشبه الوجه. ويُمثل هذا الاكتشاف تحديًا إضافيًا لفكرة أن إنسان نياندرتال لم يكن قادرًا بشكل عام على الفن الرمزي.
لكن بعض الخبراء قالوا إنهم غير مقتنعين بأن النقطة رمزية.
قال عالم الأنثروبولوجيا والآثار بروس هاردي من كلية كينيون في أوهايو، والذي لم يشارك في الاكتشاف، إن النقطة الحمراء كانت متعمدة بالتأكيد، ولكن لا يمكن الجزم بأكثر من ذلك.
تصف الدراسة، التي نُشرت في مجلة العلوم الأثرية والأنثروبولوجية، اكتشافًا عُثر عليه عام 2022 في ملجأ سان لازارو الصخري على مشارف سيجوفيا بوسط إسبانيا.
يمتلك العلماء أدلة على أن المنطقة كانت مأهولة بكثافة بإنسان نياندرتال بين 44 ألفا و41 عام مضت، ولكن لا يوجد دليل على أن الإنسان الحديث المبكر قد عاش هناك.
يقول الباحثون إن النقطة الحمراء وُضعت عمدًا كـ “أنف” لإبراز تشابه الصخرة مع وجه بشري. أما النقاط الصفراء فهي المكان الذي أُخذت منه العينات العلمية.
يبلغ طول الصخرة، التي تشبه حبة بطاطس كبيرة، حوالي ١٥ سم، ولها انبعاجات غامضة على شكل حواجب بالقرب من أحد طرفيها.
لكن إضافة نقطة حمراء عمدًا كـ “أنف” أسفل “حاجبي” صخرة “السيد رأس البطاطس” تُحوّل الحصاة الكبيرة إلى رسم بدائي لوجه بشري، كما يجادل الباحثون.
صرح المجلس الوطني للبحوث في إسبانيا (CSIC) في بيان: “يمثل هذا الاكتشاف الدليل الأقدم والأكثر اكتمالاً على وجود بصمة بشرية في العالم، تُنسب بشكل قاطع إلى إنسان نياندرتال، ما يُبرز الاستخدام المتعمد للصبغة لأغراض رمزية”.
تبدو النقطة الحمراء منتشرة بالتساوي، لكن فحوصات الطب الشرعي وتحليل كيفية انعكاسها لأطوال موجية مختلفة من الضوء كشفت أنها نتجت عن بصمة ذات نمط حلزوني مميز، ربما لذكر بالغ من إنسان نياندرتال.
يبدو أن حصاة الجرانيت قد جُلبت عمداً إلى ملجأ الصخور، ربما من نهر قريب حيث تشكلت. وكتب فريق الباحثين في الدراسة: “إن اختيار الحصاة بسبب مظهرها ثم وضع علامة عليها بالمغرة يُظهر وجود عقل بشري قادر على الترميز والتخيل والتمجيد وإسقاط أفكاره على شيء ما”.
فن العصر الحجري
احتدم الجدل بين علماء الآثار لعقود حول ما إذا كان إنسان نياندرتال قد صنع فنًا تجريديًا. تشمل الاكتشافات نقوشًا على جدران كهوف في فرنسا قد يصل عمرها إلى 75 ألف عام، ولكن حتى أروع أعمال فن إنسان نياندرتال لا تُضاهي لوحات الكهوف التي رسمها الإنسان الحديث المبكر في مواقع مثل كهف شوفيه في فرنسا وجزيرة سولاويزي في إندونيسيا.
تعتقد ريبيكا راج سايكس، عالمة آثار العصر الحجري القديم في جامعتي كامبريدج وليفربول بالمملكة المتحدة ومؤلفة كتاب “أقارب: حياة إنسان نياندرتال، حبه، موته، وفنه” (دار بلومزبري سيجما، 2020)، أنه حتى لو كانت النقطة الحمراء رمزية، فمن المحتمل أن يكون مؤلفو الدراسة قد أساءوا فهم معناها.
قال عالم الآثار بجامعة دورهام، بول بيتيت، والذي لم يشارك في الاكتشاف، إن الصخرة “مثالٌ واضحٌ على استخدام إنسان نياندرتال للصبغة الحمراء”، ما يُظهر كيف كان إنسان نياندرتال يترك علاماتٍ روتينية على جدران الكهوف والأشياء المحمولة. وأضاف أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت النقطة الحمراء ترمز حقًا إلى شيءٍ ما أم لا.
وقال عالم الآثار وعالم النفس ديريك هودجسون، الخبير في فنون الكهوف في عصور ما قبل التاريخ والذي لم يشارك في الدراسة، إن الصخرة، على ما يبدو، لم يكن لها غرضٌ آخر. وأضاف أن الصخرة بدت كوجهٍ فقط عند إضافة علامة “الأنف”.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا: