كتب – رامز يوسف:
طوّر علماء الفلك، باستخدام تلسكوب أفق الحدث، طريقة جديدة لرصد سماء الراديو بترددات متعددة، ما يعني أننا سنتمكن قريبًا من التقاط صور ملونة للثقوب السوداء الهائلة.
اللون أمرٌ مثير للاهتمام. ففي الفيزياء، يُمكن القول إن لون الضوء يتحدد بتردده أو طوله الموجي. كلما زاد طول الموجة، أو انخفض ترددها، اتجه الضوء نحو الطرف الأحمر من الطيف. وكلما اتجه نحو الطرف الأزرق، تقصر الأطوال الموجية وترتفع الترددات. لكل تردد أو طول موجي لونه الفريد.
نحن لا نرى الأشياء بهذه الطريقة. ترى أعيننا الألوان بثلاثة أنواع مختلفة من المخاريط في شبكية العين، وهي حساسة لترددات الضوء الأحمر والأخضر والأزرق. تستخدم عقولنا هذه البيانات لإنشاء صورة ملونة. تعمل الكاميرات الرقمية بطريقة مشابهة، إذ تحتوي على مستشعرات تلتقط الضوء الأحمر والأخضر والأزرق. ثم تستخدم شاشة الكمبيوتر بكسلات حمراء وخضراء وزرقاء، ما يخدع أدمغتنا لرؤية صورة ملونة.
في حين أننا لا نستطيع رؤية الضوء الراديوي، تستطيع التلسكوبات الراديوية رؤية الألوان، المعروفة باسم النطاقات. يمكن للكاشف التقاط نطاق ضيق من الترددات، يُعرف باسم نطاق التردد، وهو ما يشبه الطريقة التي تلتقط بها الكواشف البصرية الألوان. من خلال مراقبة السماء الراديوية على نطاقات تردد مختلفة، يمكن لعلماء الفلك إنشاء صورة “ملونة”.
لكن هذا ليس خاليًا من المشاكل. فمعظم التلسكوبات الراديوية ترصد فقط نطاقا واحدا في كل مرة. لذلك، يتعين على علماء الفلك مراقبة جسم ما عدة مرات على نطاقات مختلفة لإنشاء صورة ملونة.
بالنسبة للعديد من الأجسام، يكون هذا مقبولًا تمامًا، ولكن بالنسبة للأجسام سريعة التغير أو الأجسام ذات الحجم الظاهري الصغير، لا يعمل هذا. يمكن أن تتغير الصورة بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن تجميع الصور معًا. تخيل لو أن كاميرا هاتفك استغرقت عُشر ثانية لالتقاط كل لون من الصورة. سيكون ذلك مناسبًا لصورة منظر طبيعي أو صورة شخصية، ولكن في لقطة حركة، لن تتطابق الصور المختلفة.
وهنا يأتي دور هذه الطريقة الجديدة. استخدم الفريق طريقة تُعرف باسم نقل طور التردد (FPT) للتغلب على التشوهات الجوية للضوء الراديوي. من خلال مراقبة السماء الراديوية عند الطول الموجي 3 مم، يمكن للفريق تتبع كيفية تشويه الغلاف الجوي للضوء. وهذا مشابه للطريقة التي تستخدم بها التلسكوبات البصرية الليزر لتتبع التغيرات الجوية.
أظهر الفريق كيفية مراقبة السماء عند كل من الطول الموجي 3 مم و1 مم في نفس الوقت واستخدام ذلك لتصحيح الصورة المجمعة بواسطة الطول الموجي 1 مم وزيادة وضوحها. من خلال تصحيح التشوه الجوي بهذه الطريقة، يمكن لعلماء الفلك الراديوي التقاط صور متتالية في نطاقات راديوية مختلفة، ثم تصحيحها جميعًا لإنشاء صورة ملونة عالية الدقة.
لا تزال هذه الطريقة في مراحلها الأولى، وهذه الدراسة الأخيرة هي مجرد عرض توضيحي لهذه التقنية. لكن هذا يُثبت فعالية هذه الطريقة. لذا، ستتمكن مشاريع مستقبلية، مثل تلسكوب أفق الحدث من الجيل التالي (ngEHT) ومستكشف الثقوب السوداء (BHEX)، من البناء على هذه الطريقة. وهذا يعني أننا سنتمكن من رؤية الثقوب السوداء مباشرةً وبالألوان.
المصدر: Universe Today
اقرأ أيضا: