كتب – رامز يوسف:
ما يقرب من نصف المادة العادية في الكون لم يُكتشف بعد، ورغم ذلك قال باحثون في دراسة جديدة، إنهم باستخدام ومضات قصيرة من خارج المجرات تُسمى الانفجارات الراديوية السريعة (FRBs)، تمكنوا من تحديد جميع المادة الباريونية – المادة “العادية” التي تُكوّن النجوم والكواكب وغيرها من الأجسام التي تتفاعل مع الضوء – والتي نتوقع وجودها في الكون.
وفقًا للدراسة، التي نُشرت في 16 يونيو في مجلة Nature Astronomy، فإن جزءًا كبيرًا من المادة “المفقودة” ينتشر بشكل رقيق عبر الفضاء بين المجرات.
تُشكل المادة الباريونية، التي تتكون من جسيمات مثل البروتونات والنيوترونات، 5% فقط من الكون. 27% أخرى عبارة عن مادة مظلمة غير مرئية، والباقي طاقة مظلمة غامضة تُحرك تمدد الكون المتسارع. لكن العلماء لم يتمكنوا من رصد سوى نصف كمية المادة الباريونية التي يتوقعون إنتاجها خلال الانفجار العظيم.
ولتفسير المادة المتبقية، نظر الباحثون إلى 69 دفقة راديوية سريعة لإضاءة الفضاء بين المجرات الذي يقع بين الدفقات والأرض. لا أحد يعرف سبب حدوث الدفقات الراديوية السريعة، لكن معظم الومضات الراديوية القوية، التي لا تتجاوز مدتها ملي ثانية، تنشأ خارج مجرة درب التبانة.
قال ليام كونور، الباحث المشارك في الدراسة وعالم الفلك بجامعة هارفارد، في بيان: “تتألق الدفقات الراديوية السريعة عبر ضباب الوسط بين المجرات، ومن خلال القياس الدقيق لكيفية تباطؤ الضوء، يُمكننا وزن هذا الضباب، حتى عندما يكون خافتًا جدًا بحيث لا يُمكن رؤيته”.
باستخدام هذه التقنية، وجد كونور وزملاؤه أن حوالي 76% من المادة العادية في الكون تكمن في الوسط بين المجرات، وهو الغاز الساخن الذي يملأ الفراغ بينها. ويمكن العثور على حوالي 15% أخرى في هالات المجرات – وهي المناطق الكروية الساخنة على حواف المجرات. واقترح الفريق أن المادة الباريونية المتبقية تُشكل النجوم والكواكب والغازات الباردة داخل المجرات نفسها.
قال فيكرام رافي، عالم الفلك المشارك في الدراسة من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: “يبدو الأمر كما لو أننا نرى ظل جميع الباريونات، مع وجود الاندفاعات الراديوية السريعة كضوء خلفي. إذا رأيت شخصًا أمامك، يمكنك معرفة الكثير عنه. ولكن إذا رأيت ظله فقط، ستدرك فقط حجمه التقريبي”.
تفسر النتائج رصديًا جميع المادة الباريونية في الكون لأول مرة، حيث لا تحدد فقط ما إذا كانت هذه المادة موجودة، بل تحدد أيضًا مكان تركيزها في الكون.
قال نيكولاس تيخوس، عالم الفلك في الجامعة البابوية الكاثوليكية في فالبارايسو والذي لم يشارك في الدراسة، لمجلة ساينس: “أعتقد أن مشكلة الباريونات المفقودة قد حُلت بشكل أساسي. بفضل الاندفاعات الراديوية السريعة، نستطيع الآن سد هذه الفجوة في الباريونات”.
في الدراسات المستقبلية، يأمل الفريق في الاستفادة من Deep Synoptic Array-2000، وهي شبكة مقترحة مكونة من 2000 تلسكوب راديوي مهمتها مسح السماء بأكملها على مدى 5 سنوات، لتحديد ما يصل إلى 10 آلاف من الانفجارات الراديوية السريعة الجديدة كل عام والتحقيق في المادة الباريونية في الكون بمزيد من التفصيل.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا: