إشارة فضائية غامضة تكشف عن ثقبين أسودين وحشيين

كتب – رامز يوسف:

أثناء فحص إشارة إشعاع غامضة وغير مسبوقة، ربما اكتشف علماء الفلك زوجًا نادرًا من الثقوب السوداء الثنائية هائلة الكتلة ذات شهية وحشية.

الثقوب السوداء هائلة الكتلة، هي في الواقع جبابرة كونية بكتلة تتراوح من 100 ألف إلى مليارات أضعاف كتلة شمسنا، وتُعد من بين أكثر الظواهر المخيفة في الكون.

يمكن لهذه الوحوش السماوية أن تلتهم نجومًا بأكملها وتطلق سيولًا من الإشعاع القوي المرئي عبر مسافات كونية شاسعة. وفي دراسة حديثة، لاحظ الباحثون شيئًا غير مسبوق: زوج من الثقوب السوداء هائلة الكتلة يلتهم سحابة غازية هائلة لا تشبه أي وجبة سماوية رآها العلماء على الإطلاق.

يقدم هذا الاكتشاف، الذي أصبح ممكنًا بفضل إشارة إشعاع غريبة، نظرة ثاقبة جديدة لسلوك هذه العمالقة الكونية وعلاقتها بالمجرات التي تسكنها.

يظهر الضوء المنبعث من النظام نمطًا تذبذبيًا يتكرر كل 60 إلى 90 يومًا، وهذه هي المرة الأولى التي يُلاحظ فيها هذا النوع من التباين في نواة مجرية نشطة.

 تقول لورينا هيرنانديز جارسيا، عالمة الفيزياء الفلكية في معهد الألفية للفيزياء الفلكية وجامعة فالبارايسو في تشيلي والمؤلفة الرئيسية لدراسة جديدة “يُلاحظ هذا النمط في الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية والترددات الضوئية، ما يجعل هذا النظام فريدًا من نوعه”.

فحص الإشارة الغامضة

اكتشفت الإشارة، التي تحمل اسم AT 2021hdr، لأول مرة في مارس 2021 بواسطة منشأة زويكي العابرة، وهي مسح بصري قوي قائم على الأرض. نشأت الإشارة من مجرة ​​تُعرف باسم 2MASX J21240027+3409114، وتقع على بعد حوالي مليار سنة ضوئية، في كوكبة الدجاجة الشمالية.

في البداية، ظن العلماء أن الإشارة قد تكون مرتبطة بظواهر أكثر شيوعًا، مثل المستعر الأعظم أو الاضطراب المدّي، الذي يحدث عندما يمزق ثقب أسود نجمًا. ومع ذلك، أظهرت الإشارة نمط تذبذب سطوع غير عادي للغاية لم يُلاحظ في مثل هذه الأحداث. دفع هذا الشذوذ المثير للاهتمام فريق البحث إلى التحقيق في الإشارة بعمق أكبر.

أوضحت لورينا هيرنانديز جارسيا: “لاحظنا كيف يتغير ضوء النظام بمرور الوقت، لأكثر من 4 سنوات، باستخدام أجهزة قياس متعددة الأطوال الموجية.. تتضمن الدراسة ملاحظات باستخدام القمر الصناعي سويفت (الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية)، ومرفق زويكي العابر (البصري)، ومجموعة خط الأساس الطويل جدًا (الراديو)، والتلسكوبات البصرية في إسبانيا والمكسيك والهند”.

أكدت هذه الملاحظات، التي شملت نطاقًا واسعًا من الأطوال الموجية، الاستنتاج السابق بأن أصل الإشارة غير مألوف. ولجأ الباحثون إلى نماذج نظرية لحل اللغز. وافترضوا أن الإشعاع نتج عن زوج من الثقوب السوداء الهائلة التي تستهلك سحابة ضخمة من الغاز المجري.

رسم توضيحي لثقب أسود يمزق نجمًا في حدث اضطراب المد والجزر

استنادًا إلى محاكاة تفاعل الثقوب السوداء مع بعضها البعض ومع سحابة غازية، وجد الفريق أن الإشارة التي درسوها تتوافق جيدًا مع تنبؤات نموذج الكمبيوتر – إذا كان لزوج الثقب الأسود الهائل وسحابة الغاز خصائص معينة.

قالت لورينا: “بعد مقارنة مفصلة بالنماذج النظرية، استنتجنا أن الضوء المنبعث من النظام يمكن تفسيره من خلال ثقب أسود هائل ثنائي يتفاعل مع سحابة غازية تعادل كتلتها تقريبًا كتلة الشمس.. بينهما مسافة (حوالي يوم ضوئي واحد)، ويدوران حول بعضهما البعض كل 130 يومًا تقريبًا، ولهما كتلة مشتركة تبلغ حوالي 40 مليون كتلة شمسية، ومن المتوقع أن يندمجا في حوالي 70 ألف عام”.

قالت لورينا هيرنانديز جارسيا: “نحتاج إلى تأكيد السيناريو الذي نقترحه، لذلك نحتاج إلى جمع بيانات جديدة وإجراء عمليات محاكاة باستخدام هذه البيانات من أجل استكشاف فرضيتنا”.

وإذا تم التحقق من صحة هذا الاكتشاف، فإنه قد يغير الطريقة التي يدرس بها علماء الفلك الثقوب السوداء الهائلة من خلال تقديم طريقة جديدة للتحقيق في تطورها ودورها في تشكيل المجرات.

اقرأ أيضا:

تغير موقع القطب الشمالي المغناطيسي رسميًا.. لماذا؟

قد يعجبك أيضًأ