النباتات تستخدم شبكات تحت الأرض للتجسس على جيرانها

تعتمد النباتات على الفطريات في التجسس
تعتمد النباتات على الفطريات في التجسس
كتب – باسل يوسف:

قدمت دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد، أدلة علمية تناقض الفكرة السائدة بأن النباتات تتواصل مع بعضها البعض للتحذير من التهديدات الوشيكة.

وتشير النتائج إلى أن النباتات في الواقع تتجسس بشكل سلبي على جيرانها من خلال شبكات فطرية مشتركة بدلاً من الانخراط في تحالفات.

ترتبط النباتات تحت التربة بشبكة فطرية معقدة يشار إليها شعبياً باسم “شبكة الخشب الواسعة”. تنشأ هذه الشبكة من العلاقات التكافلية بين جذور النباتات والفطريات.

في هذه الشراكة، تزود النباتات الفطريات بالكربون بينما توفر الفطريات العناصر الغذائية الأساسية للنباتات. تمكن هذه الشبكات أيضًا من نقل الموارد والمعلومات بين النباتات.

أثبتت الدراسات السابقة أنه عندما يتعرض نبات ما للهجوم من قبل الحيوانات العاشبة أو مسببات الأمراض، فإن النباتات المجاورة المتصلة بنفس الشبكة الفطرية غالبًا ما تعزز دفاعاتها.

ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الاستجابات ناجمة عن تحذيرات نشطة يرسلها النبات المهاجم أم إشارات سلبية يفسرها جيرانه.

فكرة أن النباتات تحذر جيرانها بنشاط تشكل لغزًا لعلماء الأحياء التطوريين. فالسلوك الإيثاري نادر في الطبيعة بشكل عام ويحدث عادة عندما يقدم فوائد متبادلة. وبالنسبة للنباتات التي تتنافس على الموارد مثل ضوء الشمس والمغذيات، فإن تحذير جيرانها يبدو غير بديهي.

ولمعالجة هذه المفارقة، طور فريق بحثي دولي من جامعة أكسفورد وجامعة أمستردام الحرة نماذج رياضية لاستكشاف ما إذا كانت النباتات ستتطور لإرسال إشارات تهديد لبعضها البعض.

وتشير النتائج إلى أنه من غير المرجح أن تطور النباتات آليات تحذير نشطة، لأن مثل هذا السلوك لن يمنح مزايا تطورية كبيرة.

النباتات تتواصل بطرق خادعة

كشفت الدراسة أن النباتات قد تنخرط حتى في إشارات خادعة للحصول على ميزة على منافسيها.

قال المؤلف الرئيسي توماس سكوت من قسم الأحياء بجامعة أكسفورد “تشير نتائجنا إلى أنه من المرجح أن تتصرف النباتات بشكل مخادع تجاه جيرانها، بدلاً من التصرف بإيثار”.

يضيف “على سبيل المثال، قد تشير النباتات إلى حدوث هجوم من قبل حيوان عاشب، حتى عندما لا يكون هناك حيوان عاشب. يمكن للنباتات أن تستفيد من الإشارات غير الصادقة لأنها تضر بمنافسيها المحليين، من خلال خداعهم للاستثمار في آليات دفاعية باهظة الثمن ضد الحيوانات العاشبة”.

تتحدى النتائج فكرة النباتات ككيانات تعاونية وتشير بدلاً من ذلك إلى أن ما يبدو أنه سلوك إيثاري قد يخدم غالبًا أغراضًا تنافسية أو ذاتية المصلحة.

إذا لم تكن النباتات تحذر جيرانها بنشاط، فلماذا تقوم النباتات المتصلة بزيادة دفاعاتها عندما يتعرض أحدها للهجوم؟ اقترح الباحثون تفسيرين بديلين.

أولاً، قد تصدر النباتات إشارات عن غير قصد عندما تكون تحت الضغط، على غرار احمرار البشر عند الشعور بالحرج. قد تلتقط النباتات المجاورة هذه الانبعاثات غير الطوعية كإشارات للتهديد، حتى لو لم تكتسب النباتات التي تنبعث منها أي فائدة مباشرة من مشاركة هذه المعلومات.

ثانيًا، يمكن أن تلعب الشبكات الفطرية نفسها دورًا نشطًا في نقل التحذيرات. تعتمد الفطريات على النباتات الصحية من أجل بقائها، حيث تزودها النباتات بالكربوهيدرات. من خلال نقل الإشارات حول التهديدات المحتملة، قد تحمي الفطريات نباتاتها المضيفة وتضمن استقرار الشبكة.

قال سكوت: “ربما تكون الشبكات الفطرية نفسها هي التي ترسل إشارات التحذير.. تعتمد الفطريات على النباتات الموجودة في شبكتها للحصول على الكربوهيدرات، لذلك من المهم الحفاظ على هذه النباتات في حالة جيدة. ربما تستمع الفطريات إلى شركائها من النباتات، وتكتشف متى تعرض أحدها للهجوم، وتحذر الآخرين من الاستعداد”.

نباتات فضولية تتنصت

قدم المؤلف المشارك توبي كيرز من جامعة فريجي بأمستردام وجهة نظر أخرى، إذ شبه النباتات بالجيران الذين يتحدثون عن بيئة مشتركة، ويقول: “الكائنات الحية تكتشف المعلومات المتعلقة ببيئتها وتعالجها باستمرار. والسؤال هنا هو ما إذا كانت النباتات ترسل إشارات نشطة لتحذير بعضها البعض. ربما، تمامًا مثل الجيران الذين يتبادلون النميمة، فإن أحد النباتات يتنصت على الآخر ببساطة”.

نتائج الدراسة لها تداعيات كبيرة على فهمنا لسلوك النباتات وديناميكيات النظام البيئي. وقد تكون هذه المعرفة قيمة في التنبؤ بكيفية استجابة المجتمعات النباتية للتغيرات البيئية مثل فقدان الموائل أو تغير المناخ.

نُشرت الدراسة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS).

اقرأ أيضا:

إذا كان البشر يطيرون.. فكم سيكون حجم الأجنحة؟

قد يعجبك أيضًأ