كتب – رامز يوسف:
نظام المناخ على الأرض معقد للغاية، حيث تترابط مكوناته الرئيسية – المحيط والغلاف الجوي والنباتات – بشكل وثيق. يمكن أن تؤدي التغييرات في عنصر واحد إلى إحداث تأثيرات واسعة النطاق في جميع أنحاء النظام.
وبينما تظهر هذه المكونات بعض المرونة ويمكنها امتصاص بعض التقلبات، فإن أبحاث المناخ ونظام الأرض تشير إلى وجود نقاط تحول حرجة. إذا تجاوزنا هذه العتبات، فقد يتحول نظام المناخ بسرعة إلى حالة مختلفة.
يُعتقد أن نقاط التحول في نظام المناخ تتفاعل، ما قد يؤدي إلى إحداث تأثيرات متتالية. هناك نقطتا تحول عالميتان مهمتان هما غابات الأمازون المطيرة ودورة الانقلاب الأطلسي الزوالية (AMOC). يمكن أن يؤدي الاحتباس الحراري العالمي المستمر إلى إضعاف AMOC بشكل كبير، ما يعطل الحزام الناقل المحيطي الذي ينقل المياه الدافئة إلى خطوط العرض الشمالية. وهذا من شأنه أن يغير توزيع درجات الحرارة عبر المحيط الأطلسي، وقد يؤثر بدوره على منطقة الأمازون.
والتغيرات في درجات حرارة المحيط الأطلسي من شأنها أن تؤثر على دورة المياه في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تحولات في أنماط هطول الأمطا، وبالتالي زعزعة استقرار النظام البيئي للغابات المطيرة.
تحليل حبوب اللقاح المتبقية والكربون
لم تركز الدراسات السابقة على كيفية ارتباط الدورة البحرية الأطلسية والأمازون كنظم، وكيف تؤثر الدورة البحرية على منطقة الأمازون. لذلك قررت مجموعة من الباحثين بقيادة الدكتور توماس أكاباني والأستاذ الدكتور كريستيانو كييسي من جامعة ساو باولو، تحليل التغيرات في الغطاء النباتي لمنطقة الأمازون. وبالتعاون مع فريقهم الدولي، حللوا بقايا حبوب اللقاح والكربون التي تمثل السنوات الـ 25000 الماضية من نواة الرواسب البحرية المأخوذة من مصب نهر الأمازون.
يوفر هذا التحليل للفريق لمحة مفصلة عن ماضي أحد أكثر النظم البيئية ثراءً بالأنواع على وجه الأرض. وتظهر البيانات كيف تغيرت النباتات، إلى جانب فترات الرطوبة والجفاف، خلال الأحداث المناخية في العصر الجليدي الأخير، والتي تسمى أحداث هاينريش، عندما ضعفت الدورة الأطلسية للمحيط الأطلسي بشكل كبير. ووجد الباحثون، على وجه الخصوص، انخفاضًا كبيرًا في نباتات الغابات المطيرة في الجزء الشمالي من منطقة الأمازون.
الارتباط بين الدورة الأطلسية والأمازون
يقول الدكتور ستيفان موليتزا “الدراسة نتيجة لمشروع تعاوني ألماني برازيلي طويل الأمد، بدأ في عام 2012 برحلة مشتركة لسفينة الأبحاث MARIA S. MERIAN في منطقة مصب نهر الأمازون. تظهر بياناتنا أن النظام البيئي للأمازون كان قادرًا على التكيف في الماضي مع التغيرات في أنماط هطول الأمطار الناتجة عن ضعف الدورة الأطلسية. لكن ضعف الدورة في المستقبل الذي يحدث في وقت واحد مع زيادة إزالة الغابات يمكن أن يهدد استقرار هذا النظام العالمي المهم”.
وتشير دراسات أخرى تستخدم نماذج المناخ والغطاء النباتي إلى أن إضعاف الدورة الأطلسية الأمازونية في ظل الظروف الحالية من شأنه أن يؤثر على الغطاء النباتي في الأمازون بشكل مماثل لما كان عليه خلال العصر الجليدي الماضي. ويوضح الدكتور ماثياس برانج من معهد ماروم: “أظهرت لنا النماذج أن الدورة الأطلسية الأمازونية لا تحتاج إلى الانهيار الكامل حتى يكون لها تأثير على الغابات المطيرة. وتتأثر المناطق الشمالية من الأمازون بشكل كبير في ظل مجرد تغييرات معتدلة في الدورة الأطلسية الأمازونية”.
المصدر: Nature Geoscience
اقرأ أيضا: