كتب – رامز يوسف:
تخيل هذا السيناريو: اعترض العلماء إرسالًا من كائنات فضائية. من الواضح أن الرسالة قادمة من كائن ذكي، لكن كل شيء فيها – النحو واللغة والسياق – غير مفهوم لنا نحن سكان الأرض.
هذا ما يعتقده معظم علماء الرياضيات بشأن نظرية تايشمولر بين الأكوان (IUT)، وهي برهان طرحه عالم الرياضيات شينيتشي موتشيزوكي قبل أكثر من عقد في محاولة لحل تخمين ABC الشهير، وهو أحد أشهر المسائل غير المحلولة في نظرية الأعداد، والذي يتعامل مع مجموع الأعداد الأولية وله آثار على العديد من التخمينات الأخرى.
نظرية تايشمولر بين الأكوان لا تشبه فروع الرياضيات الأخرى كثيرًا، لدرجة أنها لُقبت بـ “لغة الكائنات الفضائية”. لم يتمكن سوى حوالي 20 شخصًا في العالم من فهمها إلى حد ما. لكن الآن، أحرز مهندس يبلغ من العمر 28 سنة يُدعى تشو تشونج بينج تقدمًا ملحوظًا في كشف غموض نظرية IUT.
طوّر موتشيزوكي نظرية IUT في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، ونشرها في سلسلة من 4 طبعات أولية عام 2012. يتجاوز طول البرهان 2000 صفحة، ويزعم موتشيزوكي أنها تُقدم حلاً لفرضية ABC. إذا ثبتت صحتها، فقد تُساعد في حل ألغاز رياضية رئيسية أخرى، مثل نظرية فيرما الأخيرة – وهي فرضية عمرها قرابة 400 عام تنص على أنه لا توجد 3 أعداد صحيحة موجبة a وb وc تُحقق المعادلة an + bn = cn لأي قيمة صحيحة لـ n أكبر من 2.
ومع ذلك، تستخدم نظرية IUT مفاهيم ورموزًا فريدة تمامًا في عالم الرياضيات. بمعنى آخر، ابتكر موتشيزوكي لغته الرياضية الخاصة التي حيرت كثيرا من أبرز علماء الرياضيات في العالم. وأجرى بعض الشجعان، ومنهم عالم الرياضيات إيفان فيسينكو، تعديلا لأجزاء منها، وأضفوا بعض المصداقية على ادعاءات موتشيزوكي. ومع ذلك، ورغم وجودها لأكثر من عقد من الزمان، لم تخضع نظرية IUT للتحقق الكامل من قِبل الأقران نظرًا لصعوبة فهمها.
تشو لديه خلفية في الرياضيات، إذ درس نظرية الرسم البياني كمرشح دكتوراه، لكنه ترك الجامعة في النهاية قبل إتمام شهادته ليعمل مهندس برمجيات. ومع ذلك، لم يُضعف هذا من اهتمامه بالرياضيات البحتة. أصبح مهووسًا بنظرية IUT، يدرس النظرية في وقت فراغه على الرغم من أسبوع العمل المزدحم. على مدار 5 أشهر، فصّل العديد من التحسينات والتطبيقات الجديدة في ورقة بحثية، أرسلها إلى كل من موتشيزوكي وفيسينكو. يثبت هذا العمل، إذا صح، غالبية حالات نظرية فيرما الأخيرة المعممة، باستخدام مبادئ من IUT.
أعجب علماء الرياضيات بها؛ حتى أن فيسينكو عرض عليه السفر إلى جامعة ويستليك في الصين، حيث يعمل. قبل تشو العرض، ويعمل حاليًا تحت إشراف فيسينكو على تعزيز البرهان. هناك تطبيقات محتملة لا حصر لها لهذا العمل، بدءًا من التشفير والحوسبة الكمومية وصولًا إلى فهم أفضل للزمكان – ولكن بشرط أن تكون مفهومة للباحثين الآخرين.
ولا تزال أجزاء من مشروع IUT غامضة. ومن المرجح أن يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتمكن أحد من حلها بالكامل، إن تمكن من ذلك أصلًا. وصرح تشو في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “تستند هذه الأوراق البحثية إلى أبحاث أسلافي؛ ولم يُقدم عملي سوى بعض الابتكارات والاستكشافات الطفيفة، وآمل أن أساهم بقدر متواضع في هذا المجال”.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا:
