كتب – باسل يوسف:
تبقى أزمة الغذاء، في قلب المشكلات المستقبلية التي يضع لها العلماء سيناريوهات، حتى لا يأتي اليوم الذي تواجه البشرية سنوات الموت جوعا.
والسؤال هنا: هل يمكننا إنتاج ما يكفي من الغذاء لإعالة نحو 10 مليارات شخص بحلول عام 2050؟
في خضم المخاوف المتزايدة من ركود الإنتاج، ظهرت دراسة جديدة تقدم رؤى واعدة تجلب بصيص أمل على عكس التوقعات المتشائمة.
تتحدى النتائج الرواية السائدة عن الانحدار الزراعي، وتسلط الضوء بدلاً من ذلك على مسار ثابت للنمو على مدى السنوات الـ 60 الماضية، بشرط أن نستمر في الابتكار والتكيف مع التحديات العالمية المتطورة.
أجرى البحث علماء من جامعة أيداهو والبنك الدولي.
كتب مؤلفو الدراسة “باستخدام مؤشر شامل قائم على السعرات الحرارية لإنتاج 144 محصولًا، تغطي 98٪ من الأراضي الزراعية العالمية وإنتاج الغذاء، تكشف هذه الورقة البحثية أنه على مستوى إجمالي، لم يتباطأ نمو الغلة العالمية – وهو مؤشر حيوي للإنتاجية الزراعية – على مدى العقود الستة الماضية”.
لاحظ الباحثون أن الكثير من النمو في إنتاج الغذاء على مدى السنوات الستين الماضية كان مدفوعًا بالتقدم التكنولوجي. وأدى هذا إلى إنشاء واستخدام واسع النطاق لأصناف المحاصيل المتفوقة.
ردًا على الادعاءات المقلقة حول استقرار نمو الإنتاج، وخاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مع زيادة السكان، قدم المؤلفون رواية مضادة.
“هذا النمو المطرد يعادل زيادة سنوية تبلغ حوالي 33 كيلوجرامًا من القمح للهكتار الواحد (2.38 فدان)، ما يسلط الضوء على مكاسب الإنتاجية المستمرة في جميع أنحاء العالم”، قال الباحثون.
تحديات الأمن الغذائي
ومع ذلك، فإن الدراسة ليست كلها وردية. ويحذر الباحثون من أن استدامة إمدادات الغذاء العالمية وقدرتها على تحمل التكاليف ستظل تشكل تحديات كبيرة للأمن الغذائي العالمي.
من الضروري أن نفهم أن التباطؤ الملحوظ في محاصيل أو مناطق معينة تم تعويضه بمكاسب في محاصيل أو مناطق أخرى، ما يذكرنا بأن القضية معقدة ومتعددة الأوجه.
يصبح القلق أكثر أهمية عند النظر في التأثير المتزايد لتغير المناخ والطلب المتزايد على الغذاء بسبب النمو السكاني وزيادة الدخل.
على الرغم من أن النمو العالمي الإجمالي للغلة لم يتباطأ، فإن هذه العوامل ستثقل كاهل قدرتنا على تأمين إمدادات غذائية مستقرة وبأسعار معقولة ومستدامة للجميع.
تؤكد الدراسة على دور تنوع المحاصيل في الحفاظ على نمو الغلة العالمية. من خلال زراعة مجموعة واسعة من المحاصيل التي تتكيف مع المناخات والظروف المختلفة، ساهم المزارعون في جميع أنحاء العالم في زيادة مطردة في الإنتاجية الزراعية.
يعمل هذا التنوع كحاجز ضد فشل المحاصيل المحلية، ويضمن إمدادات غذائية مستقرة، حتى في مواجهة التحديات المرتبطة بالمناخ.
غالبًا ما تظهر المناطق التي تتبنى ممارسات زراعية متنوعة قدرة متزايدة على الصمود في مواجهة الضغوط الخارجية، مثل أنماط الطقس المتقلبة والقيود على الموارد.
وهذا يسلط الضوء على أهمية الجهود المستمرة لتعزيز النظم الزراعية المتنوعة، وخاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث يتزايد عدد السكان بسرعة.
موازنة إنتاجية المحاصيل مع الاستدامة
في حين تكشف النتائج عن نمو مستدام في غلة المحاصيل العالمية، فإنها تشير أيضًا إلى تحدٍ بالغ الأهمية: موازنة زيادة الإنتاجية مع الممارسات المستدامة.
تحتاج الزراعة المكثفة للمحاصيل عالية الغلة، غالبًا مدخلات كبيرة مثل الأسمدة والمياه والطاقة، ما يثير المخاوف بشأن التدهور البيئي واستنزاف الموارد.
وتشكل التقنيات والممارسات الزراعية المبتكرة، مفتاحًا لتعزيز غلة المحاصيل دون المساس بالتوازن البيئي.
كما أن الأساليب مثل الزراعة الدقيقة، ومراقبة صحة التربة، وتطوير أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف تشكل محورًا رئيسيًا في تحقيق هذا التوازن.
هذه الاستراتيجيات ضرورية لتلبية الطلب المستقبلي على الغذاء مع حماية النظم البيئية للكوكب.
نُشرت الدراسة الكاملة في مجلة PLOS ONE.
اقرأ أيضا: