كتب – باسل يوسف:
يشتهر الجراد الصحراوي بقدرته على التحول من حشرات منعزلة إلى أسراب مدمرة في ظل ظروف بيئية محددة.
تتسبب أحداث مثل هطول الأمطار الغزيرة في تدمير المحاصيل، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وربما المجاعة والاضطرابات. ولكن الآن، تقدم دراسة جديدة الأمل في السيطرة على هذا الخطر.
تعتبر أسراب الجراد واحدة من أكثر الظواهر تدميراً في الطبيعة. في ظل الظروف المواتية، يشكل الجراد مجموعات كبيرة، تُعرف باسم الأسراب، يمكن أن تدمر مناطق بأكملها.
يمكن أن تنمو هذه الأسراب بشكل هائل لدرجة أنها تشبه الأوبئة، وتستهلك كميات مذهلة من المحاصيل في طريقها.
ولوضع هذا في المنظور الصحيح، يمكن لسرب يغطي كيلومترًا مربعًا واحدًا أن يأكل ما يكفي من الطعام في يوم واحد لإطعام 35 ألف شخص.
يؤثر هذا الدمار بشدة على صغار المزارعين الذين يعتمدون على محاصيلهم في الغذاء والدخل. والمناطق مثل أفريقيا وآسيا، حيث الأمن الغذائي هش بالفعل، معرضة للخطر بشكل خاص.
زيادة أعداد أسراب الجراد
تتفاقم المشكلة بسبب تغير المناخ. تؤدي الأعاصير المتزايدة والأمطار الغزيرة، بسبب الاحتباس الحراري العالمي، إلى خلق ظروف تكاثر مثالية للجراد. تجلب هذه الأحداث الرطوبة إلى المناطق القاحلة، ما يشجع نمو النباتات التي توفر الغذاء للجراد.
نتيجة لذلك، أصبحت تفشي الجراد أكثر تواترا وشدة، ما يشكل تهديدًا أكبر للأمن الغذائي في المناطق المعرضة للخطر.
لذلك، طور الباحثون في جامعة كامبريدج نموذجًا تنبؤيًا للتعامل مع أسراب الجراد.
وباستخدام بيانات التنبؤ بالطقس من مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة والنماذج الحسابية لسلوك الجراد، يتنبأ النظام بالمكان الذي ستتحرك إليه الأسراب في بحثها عن الغذاء ومواقع التكاثر. وتمكن النتائج من التدخل المبكر، مثل استخدام المبيدات الحشرية.
وقالت الدكتورة ريناتا ريتكوت، الباحثة الرئيسية من قسم علوم النبات في كامبريدج: “خلال تفشي الجراد الصحراوي، يمكننا الآن التنبؤ بالمكان الذي ستذهب إليه الأسراب قبل عدة أيام، حتى نتمكن من السيطرة عليها في مواقع معينة.. وإذا لم نسيطر عليها في تلك المواقع، يمكننا التنبؤ بالمكان الذي ستذهب إليه بعد ذلك حتى يمكن الاستعداد هناك”.
حتى الآن، كانت توقعات أسراب الجراد غير متسقة. ويمثل نموذج الباحثين تحولًا نحو استجابات أكثر فعالية.
من خلال دمج البيانات في الوقت الفعلي حول دورات حياة الجراد وسلوكيات التكاثر وأنماط الطقس، يقدم النموذج تنبؤات قصيرة وطويلة الأجل.
وقال البروفيسور كريس جيليجان، المؤلف الرئيسي للدراسة: “الأمر المهم هو الاستجابة بسرعة إذا كان من المحتمل أن تحدث زيادة كبيرة في الجراد، قبل أن تتسبب في خسارة كبيرة للمحاصيل”.
تنبع الحاجة الملحة لهذا الابتكار من زيادة هائلة في الجراد من عام 2019 إلى عام 2021، امتدت من كينيا إلى الهند. دمرت هذه الأسراب محاصيل رئيسية مثل القمح والذرة وقصب السكر.
قال ريتكوت: “كانت الاستجابة للزيادة الأخيرة في الجراد مرتجلة للغاية، وأقل كفاءة مما كان يمكن أن تكون عليه. لقد أنشأنا نموذجًا شاملاً يمكن استخدامه في المرة القادمة للسيطرة على هذه الآفة المدمرة”.
خضع النموذج الجديد لاختبارات صارمة باستخدام بيانات المراقبة والطقس من طفرة 2019-2021. وهو الآن جاهز لإبلاغ المراقبة والإنذارات المبكرة واستراتيجيات الإدارة.
ستستخدمه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والوكالات الوطنية لتحسين الاستعداد والاستجابة.
وأشار الباحثون إلى أن “الدول التي لم تشهد طفرة في الجراد منذ سنوات عديدة غالبًا ما تكون غير مستعدة للاستجابة، وتفتقر إلى فرق المراقبة والطائرات والمبيدات الحشرية اللازمة”.
ويعمل تغير المناخ على تعقيد الصورة بشكل أكبر، وتغيير حركة وانتشار الأسراب، ما يجعل التدابير الاستباقية ضرورية.
من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والبيانات الشاملة، سيساعد النموذج التنبئي في التخفيف من الدمار الناجم عن أسراب الجراد الصحراوي. وباستخدام هذه الأداة، يمكن للدول أن تتصرف بسرعة وحسم، ومنع خسارة المحاصيل وحماية الأمن الغذائي لملايين البشر.
نُشرت الدراسة في مجلة PLOS Computational Biology.
اقرأ أيضا: