كتبت – شيرين فرج:
لا تقتصر وظيفة عينيك على إظهار ما يحدث في العالم من حولك لدماغك، بل تكشف أيضًا عن مدى تطور دماغك في السنوات القادمة، بما في ذلك احتمال إصابتك بالخرف من عدمه.
وجدت دراسة طويلة الأمد أجريت على 8623 بالغًا أن تباطؤًا طفيفًا في اكتشاف مثلث خافت على شاشة الكمبيوتر يمكن أن يُشير إلى الإصابة بمرض الزهايمر قبل 12 عامًا من التشخيص.
يقول الباحث الرئيسي إيف هوجرفورست من جامعة لوبورو إن الاختبار البسيط “يمكن أن يُدرج ضمن الفحوصات الروتينية دون الحاجة إلى إضافة قطرة دم واحدة”.
ضغط المشاركون على زر عندما رصدوا مثلثًا يتحرك بين نقاط عشوائية. احتاج أولئك الذين أصيبوا بالخرف لاحقًا إلى ثانيتين إضافيتين تقريبًا – وهي فجوة كبيرة بما يكفي لزيادة خطر إصابتهم المستقبلية بنسبة 56%.
تقيس هذه المهمة سرعة المعالجة البصرية، أي الوقت الذي يستغرقه الدماغ لتسجيل مُحفِّز والاستجابة له. وتنبأت الدرجات البطيئة بالخرف حتى بعد أن عدّل الباحثون العوامل المؤثرة، بما في ذلك العمر، والتعليم، وصحة القلب والأوعية الدموية.
وأشارت هوجرفورست إلى أن “الحساسية البصرية مرتبطة بأداء الذاكرة”. وأضافت أن البصر غالبًا ما يتراجع بهدوء، تاركًا الناس غير مدركين حتى تتعثر الذاكرة.
وظهر نمط مماثل في تحليل مستقل أظهر أن لويحات الأميلويد المبكرة تُعطّل الإشارات البصرية قبل أن تتأثر مراكز الذاكرة. وتشير النتائج مجتمعةً إلى أن اختبارات العين قد تُوسّع نطاق التحذير للرعاية الوقائية.
شبكية العين هي نتوء خارجي للدماغ، لذا يمكن أن تتراكم البروتينات السامة فيها أولًا. يفحص الباحثون الآن طبقات الشبكية بحثًا عن ترقق الأوعية الدموية غير الطبيعية، والرواسب المجهرية التي تعكس التغيرات الدماغية.
غالبًا ما يبدأ الضرر في القشرة القذالية، وهي المنطقة المسؤولة عن الرؤية، قبل أن ينتشر إلى الحُصين. وهذا يجعل حساسية التباين، وتمييز الألوان، واكتشاف الحركة من الحالات المبكرة التي تُصاب بها. يُعاني مرضى الزهايمر أيضًا من صعوبة تجاهل مُشتتات الانتباه. وحذّر توم ويلكوكسون، عالم النفس بجامعة لوبورو، من أن “هذه المشاكل قد تزيد من خطر حوادث القيادة”.
وتؤكد أبحاث تتبع حركة العين هذا القلق، وتُظهر أن السائقين الأكبر سنًا المصابين بالخرف يُظهرون حركات عين سريعة غير منتظمة، وثباتًا أطول، ونطاق مسح محدود – وكلها مرتبطة بخطر الاصطدام.
يبدو رصد شكل على الشاشة أمرًا تافهًا، إلا أنه يُفعّل دوائر عصبية سريعة مُشتركة مع الذاكرة. وعندما تتأخر هذه الدوائر، قد يتبع ذلك نسيان الأسماء والمواعيد.
يرتبط بطء الرؤية أيضًا بصعوبة التعرّف على الوجوه، وهي إشارة اجتماعية غالبًا ما تُغفل في مراحل الخرف المُبكرة. يمرّ المرضى بسرعة عبر العيون والأفواه، مُخفقين في “تكوين بصمة” للمعارف الجُدد، ويشعرون لاحقًا بالضياع في الغرف المألوفة. تُجري عدة مجموعات اختبارًا لمعرفة ما إذا كانت تمارين العين الموجهة تُحسّن القدرة على التذكر. وتُشير التجارب الأولية على الحركات السريعة من اليسار إلى اليمين إلى تحسن طفيف، على الرغم من أن النتائج لا تزال متباينة.
وجدت دراسة استمرت 14 عامًا، وشملت نحو 2000 من كبار السن، أن من يقرأون مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا يقللون من احتمالية تدهور قدراتهم المعرفية بنحو النصف.
القراءة، ومشاهدة الترجمة، أو ممارسة الخياطة تُجبر العينين على إعادة التركيز بسرعة، وهو تمرين للشبكات العصبي.
يوصي أطباء العيون بإجراء فحوصات سنوية بعد بلوغ سن الستين.
إن الإبلاغ عن أي وهج جديد، أو تغيرات في الألوان، أو تباطؤ في التكيف، قد يدفع الأطباء إلى طلب فحوصات معرفية أوسع.
العادات التي تُحسّن الرؤية تُساعد أيضًا. فالإضاءة الجيدة، والنصوص عالية التباين، وفلاتر اللون الأزرق والأخضر تُقلل من الإجهاد وقد تُؤخر فقدان الوظائف.
وأخيرًا، حافظ على صحة الأوعية الدموية. فالتحكم في ضغط الدم، وداء السكري، والكوليسترول يدعم الدورة الدموية الشبكية والدماغية، ويربط بين العضوين.
نُشرت الدراسة في مجلة ” Scientific Reports”.
المصدر: Earth
اقرأ أيضا: