الإجابة الحاسمة.. لماذا انقرضت الديناصورات؟

تثبت دراسة أن نيزك تشيكسولوب كان السبب الرئيسي في الموت الكبير
تثبت دراسة أن نيزك تشيكسولوب كان السبب الرئيسي في الموت الكبير
كتب – رامز يوسف:

تقدم دراسة جديدة أدلة دامغة على أن تأثير نيزك تشيكشولوب، وليس النشاط البركاني الهائل، كان الدافع الرئيسي وراء انقراض الديناصورات قبل 66 مليون سنة.

وجد علماء المناخ من جامعة أوتريخت وجامعة مانشستر أن الاضطرابات المناخية الناجمة عن الانفجارات البركانية الهائلة قد هدأت إلى حد كبير قبل آلاف السنين من ضرب النيزك، تاركة تأثير الكويكب كسبب نهائي لزوال الديناصورات.

تساعد النتائج، التي نُشرت في مجلة Science Advances، في حل نقاش علمي دام عقودًا من الزمان.

قالت لورين أوكونور، الباحثة في جامعة أوتريخت: “تسببت هذه الانفجارات البركانية وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون والكبريت المرتبطة بها، في عواقب وخيمة على الحياة على الأرض.. لكن هذه الأحداث حدثت قبل آلاف السنين من اصطدام النيزك وربما لعبت دورًا صغيرًا فقط في انقراض الديناصورات”.

الجدل حول انقراض الديناصورات

لسنوات عديدة، ناقش الباحثون ما إذا كان اصطدام الكويكب الكارثي بالقرب من خليج المكسيك الحالي أو الانفجارات البركانية الواسعة النطاق في Deccan Traps في الهند أدت إلى الانقراض الجماعي الذي أنهى العصر الطباشيري.

أثر كلا الحدثين بشكل كبير على مناخ الأرض والنظم البيئية. أطلق اصطدام الكويكب سلسلة من الكوارث بما في ذلك حرائق الغابات الهائلة، والتسونامي، والزلازل، و”شتاء الاصطدام” المستمر الذي أظلم السماء ودمر السلسلة الغذائية العالمية.

وفي الوقت نفسه، أطلقت ثورات Deccan Traps، التي حدثت قبل وبعد اصطدام الكويكب، كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون والغبار والكبريت في الغلاف الجوي.

ربما تسببت هذه الانبعاثات في ارتفاع كبير في درجة الحرارة أو التبريد، اعتمادًا على تركيبها ومدتها. وكان تحديد الحدث الذي يتحمل المسؤولية الأكبر عن انقراض الديناصورات، أمرا صعبا وخلافيا منذ فترة طويلة بسبب تداخل الجداول الزمنية والتأثيرات المناخية المعقدة.

أدلة في التربة القديمة

لكسر هذا المأزق، لجأ فريق البحث إلى طريقة مبتكرة: فحص الخث القديم في الولايات المتحدة بحثًا عن حفريات جزيئية تسجل درجات الحرارة السابقة.

تنتج بعض البكتيريا جزيئات مميزة تمتد عبر الأغشية وتختلف في البنية مع درجة الحرارة المحيطة.

من خلال تحليل هذه الآثار الجزيئية في الرواسب من الوقت الذي سبق انقراض الديناصورات، أعاد الباحثون بناء جداول زمنية مفصلة لمناخ الأرض.

كشف التحليل عن تسلسل مميز للأحداث. قبل حوالي 30 ألف عام من اصطدام الكويكب، تسببت مرحلة رئيسية من انفجارات بركان ديكان ترابس في تغير مناخي كبير، ما أدى إلى تبريد سطح الأرض بما لا يقل عن 5 درجات مئوية.

من المرجح أن يكون سبب هذا التبريد هو انبعاثات الكبريت البركانية، التي حجبت أشعة الشمس.

ومع ذلك، يُظهر السجل أنه قبل حوالي 20 ألف عام من اصطدام الكويكب، كانت درجات الحرارة العالمية قد ارتفعت بالفعل، وعادت إلى مستويات مماثلة لتلك التي كانت عليها قبل الانفجارات البركانية.

أوضحت أوكونور: “أنشأنا جدولا زمنيا مفصلا لدرجة الحرارة، للسنوات التي سبقت انقراض الديناصورات. ومن خلال مواءمة هذه التغيرات المناخية مع السجل الأحفوري، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل التوقيت النسبي لهذه الأحداث”.

التأثيرات البركانية تلاشت قبل الاصطدام

الكشف عن استقرار مناخ الأرض قبل وقت طويل من اصطدام نيزك تشيكشولوب أمر بالغ الأهمية. وعلى الرغم من أن ثورات ديكان ترابس أجهدت بلا شك النظم البيئية وغيرت المناخ، إلا أن آثارها تبددت قبل وقت طويل من وصول الكويكب.

مع خروج الاضطرابات البركانية من الصورة خلال الفترة الحرجة، تشير البيانات بقوة إلى أن اصطدام الكويكب كان المحفز الأساسي لحدث الانقراض.

يساعد هذا الاكتشاف في التمييز بين التأثير التدريجي المطول للنشاط البركاني والعواقب الكارثية المفاجئة على مستوى العالم لضربة الكويكب.

ربما أعدت البراكين مرحلة من الضعف البيئي، لكنها لم توجه الضربة النهائية القاتلة. وبحلول الوقت الذي ضرب فيه الكويكب، كانت أنظمة الأرض قد تعافت إلى حد كبير من الاضطرابات البركانية.

الضربة القاتلة التي أحدثها الكويكب

مع تراجع التأثيرات البركانية قبل آلاف السنين من نهاية العصر الطباشيري، تبرز آثار اصطدام نيزك تشيكشولوب بشكل أكثر وضوحًا من أي وقت مضى باعتبارها العامل الحاسم وراء انقراض الديناصورات.

وخلافًا للنشاط البركاني، الذي يحدث على مدى فترات طويلة، كان اصطدام الكويكب مفاجئًا وفعالًا بشكل وحشي، حيث ألقى غطاءً من الحطام في الغلاف الجوي، وحجب ضوء الشمس، وأدى إلى سلسلة من الكوارث البيئية.

وقال رودري جيريت من جامعة مانشستر: “بالمقارنة، أطلق تأثير الكويكب سلسلة من الكوارث، بما في ذلك حرائق الغابات والزلازل والتسونامي و”شتاء التأثير” الذي حجب ضوء الشمس ودمر النظم البيئية. ونعتقد أن الكويكب وجه في النهاية الضربة القاتلة”.

طغى هذا الهجوم السريع والشامل على النظم البيئية، ما أدى إلى القضاء على الحياة النباتية المعتمدة على ضوء الشمس وانهيار شبكات الغذاء التي كانت تدعم الحيوانات الأرضية الكبيرة مثل الديناصورات.

بينما نجا بعض الأنواع – مما أدى إلى ظهور الثدييات، وفي النهاية البشر – لم تتمكن الديناصورات العظيمة من تحمل هذه الكارثة المفاجئة.

صورة دقيقة لماضي الأرض

تسلط الأساليب المستخدمة في هذه الدراسة الضوء على قوة علم المناخ القديم الجزيئي. من خلال فحص بقايا البكتيريا المجهرية المضمنة في الرواسب القديمة، يمكن للعلماء الآن تحديد توقيت وشدة التغيرات المناخية منذ ملايين السنين بدقة ملحوظة.

تسمح هذه التطورات للباحثين بتوضيح التفاعل بين الانفجارات البركانية، وتأثيرات الكويكبات، والانقراضات الجماعية، ورسم صورة أكثر دقة للماضي العميق للأرض.

توفر استنتاجات الدراسة فهماً أكثر وضوحًا لسبب اختفاء الديناصورات. في حين أن النشاط البركاني شكل بيئة الأرض، إلا أنه لم يكن القاتل المباشر.

وبدلاً من ذلك، يؤكد الباحثون أن تأثير تشيكشولوب، مع تداعياته المفاجئة والعالمية، كان السبب النهائي لنهاية الديناصورات.

اقرأ أيضا:

كبسولة زمنية منذ ملايين السنين تختبئ في بحيرة متجمدة

قد يعجبك أيضًأ