كتب – باسل يوسف:
تُظهر هذه الصورة المذهلة المأخوذة من الفضاء، بركانًا قاحلًا يشبه المريخ، يختبئ في قلب غابة كوستاريكا المطيرة.
يحتوي هذا البركان الغريب على بحيرة شديدة الحموضة تُعتبر “جنة” للميكروبات، وتُوفر للباحثين نموذجًا ممتازًا لدراسة أشكال الحياة المحتملة على الكوكب الأحمر.
يُعتبر هذا البركان الفريد، المسمى بواس، النقطة المحورية في منتزه بواس الوطني للبراكين في مقاطعة ألاخويلا بكوستاريكا. وهو بركان طبقي تكوّن قبل ما بين 1.5 مليون و700 ألف عام، ويبلغ ارتفاع قمته (2697 مترًا) فوق مستوى سطح البحر.
تُظهر صور الأقمار الصناعية أن بواس يقع في مكان ناءٍ. وعلى بُعد حوالي 16 كيلومترًا جنوب شرق البركان، تقع ضواحي سان خوسيه، عاصمة كوستاريكا، والتي يقطنها حوالي 1.5 مليون شخص. ونتيجةً لذلك، يُعد البركان وجهةً سياحيةً شهيرةً، على الرغم من كونه أحد أكثر البراكين نشاطًا في أمريكا الوسطى.
شهد بركان بواس عشرات الانفجارات البركانية الكبرى في الـ 200 عام الماضية، ولكنه يشهد أيضًا العديد من الانفجارات الأصغر حجمًا، وينفث مزيجًا من البخار والدخان والغازات السامة، بالإضافة إلى سحابة الرماد العرضية. ومنذ عام 2005، شهد البركان 13 من هذه الانفجارات البركانية الصغيرة.
بدأ ثورانه الأخير في 5 يناير واستمر معظم عام 2025، ومن المرجح أن يكون قد توقف الآن. بلغ نشاط هذه المرحلة ذروته في أوائل مايو، عندما أثرت مستويات ثاني أكسيد الكبريت لفترة وجيزة على جودة الهواء في سان خوسيه، وألحق تساقط الرماد أضرارًا ببعض المحاصيل المجاورة، وفقًا لمرصد الأرض التابع لناسا.
تحتوي الفوهة الرئيسية لبركان بواس على بحيرة بركانية شديدة الحموضة، تُسمى لاجونا كالينتي، ويبلغ متوسط درجة حموضتها ما يزيد قليلاً على الصفر، وهو ما يعادل تقريبًا حمض البطارية. هذه الفوهة، التي يبلغ عرضها حوالي (1.3 كيلومتر)، هي أيضًا موطن لنوافير مياه حارة متفرقة.
رغم أن هذه الظروف القاسية تعني عدم وجود حيوانات أو نباتات تعيش داخل الفوهة، فإن مياه البحيرة الحمضية موطن لمجتمع ميكروبي مزدهر تهيمن عليه بكتيريا مُحبّة للظروف المتطرفة من جنس أسيدفيليوم، تتغذى على المركبات المعدنية المذابة في الماء.
قالت راشيل هاريس، عالمة البيئة الميكروبية والكيمياء الجيولوجية في جامعة هارفارد: “قد يكون نظام بواس مُعاديًا لمعظم أشكال الحياة التي نعرفها. لكنه جنةٌ حقيقيةٌ لميكروبٍ مُتكيفٍ مع الأحماض والحرارة والمعادن السامة”.
يهتم الباحثون بالنظام البيئي المتطرف لبواس لأنه يُشبه إلى حدٍ كبير البيئات البركانية التي يُحتمل وجودها على المريخ منذ أكثر من 3 مليارات سنة، عندما كان الكوكب الأحمر أكثر تشابهًا مع كوكبنا.
تُشبه هضبة بواس منطقةً على المريخ تُعرف باسم “الصفيحة الرئيسية”، رصدتها مركبة سبيريت التابعة لناسا عام 2009. يُرجّح أن هذه الهضبة، التي يبلغ عرضها ٩٠ مترًا، كانت تحتوي على نظام حراري مائي حمضي، ربما كان مطابقًا تقريبًا لبحيرة كالينتي.
وربما ازدهرت أنواع أخرى من الكائنات المُتطرفة على المريخ في وقتٍ ما، بما في ذلك أشكال حياة تُشبه الأشنات أو الطحالب الضوئية. ومع ذلك، على الرغم من بعض النتائج الحديثة الواعدة التي توصلت إليها مركبة بيرسيفيرانس التابعة لناسا، لا يوجد دليل قاطع على أن الكوكب الأحمر قد دعم وجود حياة فضائية.
المصدر: livescience
اقرأ أيضا:
