كتب – رامز يوسف:
أفادت أبحاث جديدة، أن أنوية المجرات قد لا تكون مصنوعة مما كنا نعتقد، وربما تحتوي على نجم عملاق غير مرئي مصنوع من مادة “ضبابية” غامضة.
على الرغم من أن علماء الفلك لديهم وفرة من الأدلة على أن معظم الكتلة في أي مجرة معينة غير مرئية، فإنهم لا يعرفون بعد هوية هذه “المادة المظلمة”. في العقود الأخيرة، كانت الفرضية الواعدة أن المادة المظلمة مصنوعة من نوع من الجسيمات الثقيلة التي نادرًا ما تتفاعل، وربما لا تتفاعل على الإطلاق، مع الضوء أو أي مادة أخرى. لكن هذه الفرضية تكافح لتفسير الكثافة المنخفضة نسبيًا لأنوية المجرات، لأن محاكاة سلوك المادة المظلمة تتوقع أنها يجب أن تتكتل بسهولة إلى كثافات عالية للغاية، وهو ما لا يتوافق مع الملاحظات.
أحد الإجابات المحتملة لهذه المشكلة أن جسيمات المادة المظلمة خفيفة بشكل لا يصدق – أقل كتلة بمليارات المرات من النيوترينو، وهو أخف جسيم معروف حاليًا. هذه الجسيمات الافتراضية، التي يطلق عليها “المادة المظلمة الضبابية”، خفيفة للغاية لدرجة أن طبيعتها الموجية الكمومية تتجلى على مقاييس أكبر، ماكروسكوبية – حتى مجرية. وهذا يعني أنها يمكن أن تستقر في كتل عملاقة من المادة غير المرئية، وتشكل نجومًا مظلمة.
وهذا مثير للاهتمام بشكل خاص لأن هذه النجوم المظلمة يمكن أن تمتد في الفضاء لآلاف السنين الضوئية ولكنها لا تزال تتمتع بكتل منخفضة نسبيًا، لأن الجسيمات خفيفة للغاية. وبالتالي، يمكن أن تشكل نوى المجرات، ما يوفر الجزء الأكبر من كتلة هذه المجرات دون خلق كثافات عالية للغاية في مراكز المجرات.
لكن المجرات تتكون من أكثر من مجرد مادة مظلمة – ضبابية أو غير ذلك. فهي تحتوي أيضًا على مادة طبيعية، موزعة في شكل سحب غازية منتشرة ونجوم، وهذه هي العناصر التي يمكن لعلماء الفلك ملاحظتها بالفعل. لذا، لاختبار هذه الفكرة، نحتاج إلى فهم الارتباط بين المادة المظلمة الضبابية والمادة العادية داخل المجرة.
الزغب النجمي
في ورقة بحثية نُشرت على خادم ما قبل الطباعة arXiv، استكشف فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية كيف قد تتطور المجرات استجابة للمادة المظلمة الضبابية. لهذه الخطوة الأولى، لم يحاولوا إعادة إنشاء مجرة معقدة بالكامل. بدلاً من ذلك، صمموا نموذج لعبة بسيطا يحتوي على مكونين فقط: نسبة كبيرة من المادة المظلمة الضبابية ونسبة أصغر من غاز مثالي بسيط.
ثم حسبوا كيف يتطور هذان المكونان تحت تأثيرهما الجاذبي المتبادل. ووجدوا أنه على الرغم من السلوك العشوائي في البداية، فإن المادة المظلمة الضبابية تجمعت بسرعة في كتلة كبيرة في المركز، مع وجود سحب أكثر انتشارًا من المادة المظلمة المحيطة بها.
ثم اختلط الغاز بالمادة المظلمة الضبابية في المركز، فخلق ما أطلق عليه الباحثون نجم الفرميون-البوزون، في إشارة إلى نوعي المادة اللذين امتزجا لتشكيل الجسم المركزي. وكان هذا النجم مختلفاً تماماً عن تصورنا النمطي له. إذ كان عملاقاً ــ يصل عرضه إلى 10 آلاف سنة ضوئية ــ وغير مرئي تقريباً بالكامل، باستثناء التوهج الخافت للغاز المنتشر في أرجائه.
ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن هذا من شأنه أن يخدم كتمثيل مثالي لنواة المجرة، التي تحتوي على كثافات أعلى ــ ولكن ليست عالية للغاية ــ من المادة العادية، وبالتالي تأكيد تنبؤ رئيسي لنموذج المادة المظلمة الضبابية.
والخطوة التالية هي بناء نماذج أكثر تطوراً لاستكشاف الشكل الذي قد تبدو عليه هذه “النجوم” حتى يتمكن علماء الفلك من مقارنة التنبؤات بالملاحظات في العالم الحقيقي.
اقرأ أيضا: