كتب – رامز يوسف:
كشفت عمليات رصد جديدة لتلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) عن منارة مجرية قديمة تتألق وسط ضباب الكون المبكر.
اكتشف باحثون ضوءًا فوق بنفسجي ساطع قادم من مجرة قديمة بعيدة. تشير النتائج، التي نُشرت في مجلة نيتشر، إلى أن النجوم الأولى في الكون عدّلت محيطها قبل المتوقع.
بعد الانفجار العظيم بفترة وجيزة، كان الكون خليطًا من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات. ومع برودة الكون، اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين أيونات هيدروجين موجبة الشحنة، التي جذبت بدورها الإلكترونات سالبة الشحنة لتكوين ضباب من ذرات الهيدروجين المتعادلة. امتص هذا الضباب الضوء بأطوال موجية قصيرة، مثل الأشعة فوق البنفسجية، مانعًا إياه من الوصول إلى أعماق الكون.
ومع تشكل النجوم والمجرات الأولى، أصدرت ما يكفي من الأشعة فوق البنفسجية لطرد الإلكترونات من ذرات الهيدروجين، ما سمح بخروج الأشعة فوق البنفسجية مرة أخرى. على الرغم من الاعتقاد بأن “عصر إعادة التأين” هذا قد انتهى بعد حوالي مليار سنة من الانفجار العظيم، إلا أن العلماء ما زالوا غير متأكدين تمامًا من متى تشكلت النجوم الأولى – أو متى بدأ عصر إعادة التأين.
قد تساعد النتائج الجديدة في تضييق نطاق هذه البداية. باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، رصد الباحثون مجرة قديمة تُعرف باسم JADES-GS-z13-1. هذه المجرة بعيدة جدًا عن الأرض لدرجة أننا نرصدها كما بدت بعد 330 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.
في بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي، رصد العلماء ضوءًا ساطعًا بطول موجي محدد يُعرف باسم انبعاث ليمان-ألفا، الذي ينتجه الهيدروجين. على الرغم من أن الضوء بدأ كأشعة فوق بنفسجية، إلا أن تمدد الكون على مدى أكثر من 13 مليار سنة قد وسع نطاقه إلى منطقة الأشعة تحت الحمراء، فأصبح مرئيًا لمستشعرات تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
لكي يصل انبعاث ليمان-ألفا إلى الأرض اليوم، لا بد أن تكون مجرة JADES-GS-z13-1 قد تأينت بما يكفي من غاز الهيدروجين المحيط بها للسماح بنفاذ الأشعة فوق البنفسجية – وهو أمر لم يتوقعه العلماء في هذه المرحلة المبكرة من تطور الكون.
صرح روبرتو مايولينو، الباحث المشارك في الدراسة وعالم الفيزياء الفلكية بجامعة كامبريدج، في بيان: “رُصد GS-z13-1 عندما كان عمر الكون 330 مليون سنة فقط، ومع ذلك، فإنه يُظهر علامة واضحة ومدهشة لانبعاث ليمان-ألفا، لا يمكن رؤيتها إلا بعد انقشاع الضباب المحيط بالكامل.. كانت هذه النتيجة غير متوقعة تمامًا بالنظر إلى نظريات تكوين المجرات المبكرة، وفاجأت علماء الفلك”.
لا يزال الباحثون يجهلون مصدر إشعاع ليمان-ألفا في مجرة JADES-GS-z13-1. قد يكون مصدر الضوء نجوم مبكرة شديدة الحرارة والضخامة، أو قد يكون ناتجًا عن ثقب أسود فائق الكتلة في مرحلة مبكرة.
قال كيفن هاينلاين، عالم الفلك بجامعة أريزونا والمؤلف المشارك في الدراسة، في بيان: “لم يكن من المفترض أن نجد مجرة كهذه، بالنظر إلى فهمنا لكيفية تطور الكون.. قد نتصور الكون في بداياته محاطًا بضباب كثيف يجعل من الصعب للغاية العثور على منارات قوية تطل من خلاله، ومع ذلك نرى هنا شعاع الضوء من هذه المجرة يخترق الحجاب”.
واختتم هاينلاين قائلاً: “لهذا الخط الانبعاثي المذهل تداعيات هائلة على كيفية وتوقيت إعادة تأين الكون”.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا: