دراسة: نعم.. نستطيع فهم النوايا من قراة العيون

كتبت – شيرين فرج:

أظهرت دراسة حديثة أن الناس يستطيعون قراءة نوايا بعضهم البعض في نظرات بعضهم البعض، ما يُثبت صحة هذا الافتراض الشائع حول التواصل البشري.

تكشف الدراسة كيف يستخدم البشر أعينهم للتواصل غير اللفظي. في المستقبل، قد يُسهم هذا البحث في فهم أفضل لكيفية معالجة الأشخاص الذين يعانون من حالات تؤثر على المهارات الاجتماعية، مثل التوحد، لهذه الإشارات الدقيقة غير اللفظية.

لستَ بحاجة لأن تكون عالم نفس لتعرف أن العيون تنقل الكثير من المعلومات؛ فهناك سببٌ وجيه لعبارة “العيون نافذة على الروح”. لكن الباحثين دأبوا على البحث في كيفية التقاط الدماغ، حركات العين الدقيقة وترجمتها إلى فهم لأفكار شخص آخر أو مشاعره أو حالته النفسية. كيف يُمكننا التمييز بين النظرة المُشبعة بالمعنى، والنظرة العابرة التي لا معنى لها؟

قالت جيلينا ريستيك، أستاذة علم النفس بجامعة ماكجيل في كندا والمؤلفة الرئيسية للدراسة التي نُشرت في مجلة علم نفس الاتصالات: “نحاول إيجاد سبب اختلاف تفاعل أدمغتنا مع المعلومات الاجتماعية”.

في هذا البحث، اهتمت ريستيك وزملاؤها بفهم ما إذا كان الناس يستجيبون لحركات العين المتعمدة بشكل مختلف عن حركات العين غير المتعمدة. في البداية، سجّلوا أشخاصًا يجلسون أمام شاشة ويحركون أعينهم استجابةً لمحفزات على تلك الشاشة. على سبيل المثال، طُلب من الأفراد أحيانًا تحريك أعينهم يسارًا أو يمينًا – حسب اختيارهم – وفي أحيان أخرى، وُجّهوا صراحةً للنظر في اتجاه أو آخر.

قالت ريستيك: “الفرق الوحيد بين هاتين الحالتين هو أنه في حالة، يقوم الناس بحركات عين متعمدة، وفي حالة أخرى، يقومون بحركات عين بناءً على تعليمات أو غير متعمدة”.

بعد ذلك، استعان الباحثون بحوالي 80 مشاركًا لمشاهدة هذه التسجيلات، والتي قُصّت قبل تحريك الأشخاص في الفيديو لأعينهم مباشرةً. في كل مقطع، طُلب من المشاركين التنبؤ بالاتجاه الذي سينظر إليه كل شخص: يسارًا أم يمينًا.

قال ريستيك: “كانوا أسرع في اتخاذ هذه القرارات عندما كانت النظرات مقصودة”. كان هذا الاختلاف في سرعة التنبؤ بضعة ميلي ثانية، لكنه كشف أن الناس يعالجون النظرات المتعمدة وغير المتعمدة بشكل مختلف.

في تجربتين لاحقتين، كل منهما مع مجموعة أخرى من حوالي 70 مشاركًا، اختبر الباحثون ما إذا كان هذا الاختلاف في سرعة المعالجة يُغير كيفية تتبع الناس لنظرة الشخص على الشاشة. ربما كانوا أسرع في تتبع النظرات المتعمدة، على سبيل المثال. لكن بشكل غير متوقع، لم تُحدث النية فرقًا، كما قالت ريستيك.

يشير هذا إلى أن عمليات منفصلة في الدماغ قد تكتشف قصدية نظرة الشخص ثم تُصوغ ردًا. أو ربما تُجمع المعلومات حول القصد لاحقًا في التفاعل الاجتماعي، بعد أن يراقب المُشاهد نظرة الشخص الآخر بدقة.

حلل الباحثون تسجيلات الفيديو الخاصة بهم لمعرفة ما قد يراه المشاركون، ما سيساعدهم على التنبؤ بحركة العين بسرعة أكبر قبل أن يُغيّر الشخص نظره عمدًا. وأوضحت ريستيك أنه بالعين المجردة، لم يبدُ أن الأفراد المسجلين يتحركون على الإطلاق. ولكن بتحليل دقيق، وجد الباحثون أن هناك حركة أكبر حول منطقة العين قبل أن يختار الشخص تحريك نظره مقارنةً بالحركة التي أُمر بها عندما كُلف بالاتجاه الذي يجب أن ينظر إليه. ربما كانت هذه الحركات الطفيفة “مؤشرًا”.

وقالت ريستيك: “نفترض بناءً على ذلك أن إشارات الحركة الدقيقة هذه تُنقل بسرعة كبيرة للإشارة إلى الآخرين عمدًا، وأن نظامنا حساس للغاية لذلك”.

وأضافت أن الخطوة التالية في البحث ستكون استخدام تقنيات تتبع العين أكثر دقة لفهم هذه الإشارات الدقيقة. كما سيُصوّر الباحثون مقاطع فيديو جديدة يطلبون فيها من المشاركين تحريك أعينهم بنية محددة – لمساعدة شخص ما أو خداعه، على سبيل المثال – لمعرفة ما إذا كان بإمكان المشاهدين اكتشاف النية المحددة وراء نظرة الشخص.

وأخيرًا، يخطط الفريق لإجراء دراسات متابعة مع المشاركين الذين يعانون من حالة تؤثر على المهارات الاجتماعية، مثل اضطراب طيف التوحد أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). في هذه الاضطرابات النمائية العصبية، قد يجد الأشخاص صعوبة في ملاحظة الإشارات الاجتماعية وتفسيرها. ويهتم الباحثون بدراسة النقطة المحددة في عملية المعالجة التي يختلف فيها هؤلاء الأفراد عن الأشخاص الطبيعيين.

قالت ريستيك: “هذا أحد الأسئلة المهمة في عالم التوحد. أين يعمل النظام بشكل مختلف، وفي أي جوانب؟”.

المصدر: Live Science

اقرأ أيضا:

العثور على 3 “وحوش حمراء” من فجر الكون

قد يعجبك أيضًأ