كتب – رامز يوسف:
تشير الأدلة الزلزالية إلى احتمال وجود محيط خفيّ من الماء السائل تحت سطح المريخ.
وفقاً لدراسة جديدة نُشرت في مجلة “ناشيونال ساينس ريفيو”، تشير تسجيلات الموجات الزلزالية من أعماق الكوكب الأحمر إلى احتمال وجود طبقة من الماء السائل كامنةً في صخور المريخ على عمق يتراوح بين 5.4 و8 كيلومترات تحت السطح.
قدّر مؤلفو الدراسة أن الحجم الإجمالي للمياه الخفية قد يغمر سطح المريخ بأكمله بمحيط يتراوح عمقه بين 520 و780 متراً، وهو نفس حجم السائل الموجود في الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية.
كان كوكبنا المجاور غنياً بالمياه في الماضي. في الفترة ما بين تشكل المريخ قبل 4.1 مليار سنة وحوالي 3 مليارات سنة، يُعتقد أن الكوكب الأحمر كان شديد الرطوبة، مع وجود سمات مثل شبكات الأودية، وتكوينات الدلتا، والصخور الرسوبية الطبقية التي تشير إلى تدفق مستمر للمياه.
قال هرفوي تكالسيتش، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الجيوفيزياء في الجامعة الوطنية الأسترالية، في بيان، إن هذه المياه السائلة الوفيرة “اختفت مع تحول الكوكب إلى البيئة الباردة والجافة التي نراها اليوم”.
مع مرور الوقت، فقد المريخ مجاله المغناطيسي، وبدأت الإشعاعات الشمسية تُزيل غلافه الجوي. ومع انخفاض كثافة الغلاف الجوي، انخفضت درجات حرارة السطح؛ وبدأ الماء السائل على الكوكب بالتسرب إلى الفضاء، أو يُحتجز كجليد في باطن الأرض أو في الأغطية القطبية، أو يُحبس في معادن مائية داخل قشرة الكوكب، وفقًا للباحثين.
ومع ذلك، ثبت سابقًا أن طرق فقدان المياه هذه لا تُفسر تمامًا جميع المياه التي يُقدر أنها كانت تتدفق على الكوكب الأحمر، مع وجود كمية كبيرة من المياه “المفقودة” التي لم يُكتشف أمرها، ما أثار تساؤلًا حول ما إذا كانت لا تزال هناك مياه سائلة مخفية على المريخ لم نعثر عليها بعد.
يشير هذا البحث الجديد إلى وجود مياه سائلة مدفونة بالفعل في أعماق سطح الكوكب. عند تحليل البيانات الزلزالية من مركبة إنسايت التابعة لناسا، التي هبطت على المريخ عام 2018، وجد الباحثون أن الموجات الزلزالية داخل الكوكب – الناتجة عن اصطدامات الكويكبات والزلازل المريخية في عامي 2021 و2022 – بدت وكأنها تتباطأ بين (5.4 إلى 8 كيلومترات) تحت السطح. ويشيرون إلى أن هذا قد يكون بسبب وجود مياه سائلة مخفية داخل الصخور المسامية، إذ تنتقل الموجات الزلزالية ببطء أكبر عبر السوائل منها عبر المواد الصلبة.
أوضح تكالتشيتش وويجيا صن، أستاذ الجيوفيزياء في الأكاديمية الصينية للعلوم ومؤلف مشارك في الدراسة: “من المرجح أن تكون هذه الطبقة منخفضة السرعة، صخرة شديدة المسامية مليئة بالماء السائل، كإسفنجة مشبعة.. شيء يشبه طبقات المياه الجوفية في الأرض، حيث تتسرب المياه الجوفية إلى مسام الصخور”.
ويشير الباحثون إلى أن هذه المياه السائلة قد تُشكل إجمالي حجم المياه المفقودة من الحسابات السابقة.
وقال تكالتشيتش: “تشير دراستنا إلى أنه من المحتمل أن يكون جزء كبير من تلك المياه القديمة قد تسرب عبر الصخور السطحية المسامية واحتُجز تحت الأرض.. وهذا يتطابق أيضًا مع تقديرات المياه المفقودة على المريخ من دراسات أخرى”.
يُثير احتمال وجود ماء سائل على المريخ اهتمام العلماء، فهو أساسي للحياة كما نعرفها. وبينما قد تستضيف هذه الخزانات المحتملة في أعماق الكوكب شكلًا من أشكال الحياة المريخية، فلن نعرف ما إذا كان الماء السائل موجودًا حتى نتمكن من الحفر عميقًا في المريخ والعثور عليه بأنفسنا.
وقال تكالتشيتش: “هناك حاجة إلى بعثات مستقبلية مزودة بأجهزة قياس الزلازل والحفارات لتأكيد وجود الماء على هذه الأعماق وجمع المزيد من الأدلة”.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا: