كتب – باسل يوسف:
أجرى فريق بحثي بقيادة الدكتورة آشلي مارتن من جامعة نورثمبريا، بالتعاون مع خبراء في الجيولوجيا وعلم الأحياء الدقيقة والكيمياء الجيولوجية، فحصا لصخرة ستروماتوليت قديمة محفوظة في جنوب زيمبابوي. ركزت دراستهم على فهم عمليات دورة النيتروجين في النظم البيئية للأرض المبكرة.
النيتروجين ضروري للحياة ولكن يجب تحويله أولاً إلى أشكال بيولوجية متاحة أثناء تحركه عبر الغلاف الجوي والتربة والنباتات والحيوانات في دورة النيتروجين.
يعتقد الفريق أن أنماط نظائر النيتروجين غير العادية التي عُثر عليها في زيمبابوي يمكن أن تقدم فهمًا جديدًا للآليات التي لعبت دورًا في البيئة البحرية المبكرة للأرض قبل حدث الأكسدة العظيم، منذ ما بين 2.5 و2.3 مليار سنة. هذا الحدث، الذي ربما كان سببه تطور التمثيل الضوئي، هو محطة رئيسية في تاريخ الأرض، وشهد أول ارتفاع في تركيز الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض.
الأرض قبل الأكسجين
ناقش العلماء لفترة طويلة الظروف البيولوجية والكيميائية التي أدت إلى حدث الأكسدة العظيم ولا يُعرف سوى القليل عن دورات النيتروجين قبل حدوثه. في هذه المرحلة من الزمن، كانت الأرض المبكرة تبدو مختلفة تمامًا عن اليوم، إذ كانت القارات لا تزال مغمورة تحت محيط عظيم يغطي الكوكب.
قال الدكتور مارتن، من قسم الجغرافيا والعلوم البيئية في جامعة نورثمبريا: “هناك عنصران غذائيان رئيسيان يتحكمان في الإنتاجية في المحيطات على المقاييس الزمنية الجيولوجية – النيتروجين والفوسفور. معًا يتحكمان في النهاية في إنتاجية الحياة البحرية”.
يضيف “تكشف دراستنا عن قيم عالية لنظائر النيتروجين في صخور ستروماتوليت المياه الضحلة التي يبلغ عمرها 2.75 مليار سنة، وقيم نيتروجين أقل في الرواسب البحرية العميقة. يشير هذا إلى أن الأمونيوم، وهو النيتروجين في شكله المختزل، تراكم في المياه العميقة وانتقل إلى المياه الضحلة عن طريق الصعود – حركة المياه العميقة الغنية بالمغذيات نحو سطح المحيط”.
كان من الممكن أن يكون خزان الأمونيوم الكبير مفيدًا جدًا للحياة المبكرة، حيث يوفر مصدر النيتروجين اللازم لحدوث العمليات البيولوجية. كانت هذه الظروف، على الأرجح في محيط مستنفد من الأكسجين المذاب مع تأثير بركاني أو حراري مائي قوي، لتساعد في دعم نمو الميكروبات، ما قد يحفز الابتكارات البيولوجية ويمهّد الطريق لحدث الأكسدة العظيم.
توضح ورقة بحثية نُشرت في المجلة العلمية Nature Communications، نتائج فريق البحث، الذي يضم خبراء من جامعة سانت أندروز؛ وجامعة كايزرسلاوترن لانداو في ألمانيا؛ جامعة لايبنتز، هانوفر؛ معهد ماكس بلانك للكيمياء في ألمانيا وجامعة جوهانسبرج في جنوب أفريقيا.
أوضحت الدكتورة إيفا ستوكين من جامعة سانت أندروز: “كنا حائرين لفترة طويلة إزاء قيم نظائر النيتروجين غير العادية في هذه الصخور. تشير نتائجنا الجديدة إلى وجود ارتباط قوي بإعادة تدوير المغذيات الحرارية المائية، ما يعني أن الحياة المبكرة ربما كانت مدفوعة جزئيًا بالنشاط البركاني”.
وأضاف البروفيسور أكسل هوفمان من جامعة جوهانسبرج: “كانت البراكين نشطة بشكل استثنائي منذ 2.75 مليار سنة وتركت تأثيرًا دائمًا في تطور الحياة في ذلك الوقت. تحافظ الصخور في زيمبابوي على سجل رائع لهذه الفترة الزمنية”.
إن الاقتراح القائل بأنه في بعض مناطق العالم، ربما تراكمت كميات كبيرة من النيتروجين الحيوي المتاح في شكل أمونيوم في المحيطات القديمة بسبب النشاط البركاني وغذت تطور الحياة، مدعوم بدراسة سابقة أجراها الدكتور مارتن والدكتور ستوكين والدكتورة ميشيل جيرينجر من جامعة كايزرسلاوترن-لانداو.
المصدر: scitechdaily
اقرأ أيضا: