صورة اليوم.. حل لغز ولادة النجوم

HH 211 يقع على بُعد 1000 سنة ضوئية في كوكبة برشاوس
HH 211 يقع على بُعد 1000 سنة ضوئية في كوكبة برشاوس
كتب – رامز يوسف:

رغم التطور الهائل في تقنيات استكشاف الفضاء، فإن معظم أحداث الكون غير مفهومة تمامًا، بما في ذلك عملية تكوّن النجوم البسيطة نسبيًا.

تتشكل النجوم في سحب كثيفة من الغاز البارد والغبار. عندما تصل هذه السحب إلى كتلة معينة، تنهار تحت تأثير جاذبيتها الذاتية، ما يؤدي إلى ولادة نجم جديد، أو نجم أولي.

أثناء تكوّن هذه النجوم الوليدة، تسحب المادة من محيطها، مكونةً قرصًا دوّارًا من الغاز والغبار حولها يُعرف باسم قرص التراكم. تدور هذه المادة وتتكتل وتسقط تدريجيًا في النجم، ما يُمكّنه من النمو بشكل أكبر.

إذا دار قرص التراكم بسرعة كبيرة، فلن تتمكن المادة من السقوط بسهولة نحو النجم. يعتقد علماء الفلك أن النجوم الوليدة تُطلق بعض المواد من قرص التراكم على شكل نفثات نشطة – تُعرف باسم النفثات النجمية الأولية – ما قد يُسهّل عملية انتقال بعض المواد إلى داخل النجم.

لكن التحدي الرئيسي في تأكيد ذلك، أن هذه النفثات تأتي من مناطق قريبة جدًا من النجم، ما يعني أنه لا يمكن رؤيتها أو تصويرها، حتى باستخدام بعض أقوى التلسكوبات. لذلك، لا يعرف علماء الفلك كيفية قذفها أو من أين تبدأ.

اقترح باحثون أن المجال المغناطيسي في النظام النجمي الأولي قد يُساعد في إطلاق هذه النفثات. وقد ساعدت صورة جديدة في تسليط الضوء على هذا لأول مرة.

في دراسة نُشرت في مجلة “التقارير العلمية”، استخدم الباحثون مصفوفة أتاكاما الكبيرة المليمترية/دون المليمترية (ALMA) في تشيلي لدراسة جسم كوني يُسمى HH 211، يقع على بُعد 1000 سنة ضوئية في كوكبة برشاوس.

 HH 211 هو جسم من أجسام هيربيج-هارو، وهي منطقة ساطعة من السديم ناتجة عن نفثات قوية للنجوم حديثة الولادة. يبلغ عمر هذا النظام النجمي الأولي 35 ألف سنة فقط، ويضم نجمًا أوليًا مركزيًا صغيرًا يزن 0.06 مرة فقط من كتلة شمسنا.

يتميز HH 211 بنفث ثنائي القطب ساطع، وهو شعاعان من مادة مؤينة مشحونة ينبثقان في اتجاهين متعاكسين. يُعد هذا النظام من الحالات القليلة المعروفة التي رُصد فيها مجال مغناطيسي.

أظهرت مراقبة مرصد ألما لهذا النظام أن النفاثة تنطلق بسرعة صاروخية تبلغ حوالي (107 كيلومترات في الثانية)، ولكن من المثير للاهتمام أنها تدور ببطء شديد، بزخم زاوي محدد. يشير هذا إلى أن النفاثة ثنائية القطب قد حملت طاقة دورانية زائدة. بمراعاة مبدأ الحفاظ على الزخم الزاوي والطاقة، حسب الباحثون أن النفث يأتي من الحافة الداخلية لقرص التراكم، على بُعد 0.02 وحدة فلكية فقط، أو ما يقارب (3 ملايين كيلومتر) من النجم.

في الصورة المذهلة، التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) العرض الملون للنفث ثنائي القطب بأطوال موجية قريبة من الأشعة تحت الحمراء. ومع ذلك، فإن رؤية JWST محجوبة بسبب الغبار الكثيف المحيط بالمنطقة المركزية.

تُعد هذه المنطقة الخفية بالغة الأهمية، لأنها مصدر النفث. بفضل الدراسة الجديدة، كشفت بيانات ALMA عن الجزء الرقيق المهم في المركز بأطوال موجية دون المليمتر. تتداخل بيانات ALMA هنا مع بيانات JWST لإنشاء صورة كاملة لكيفية تشكل النجوم الجديدة. تُظهر الصورة المُكبَّرة ذات التدرجات الرمادية التي التقطها مرصد ألما بوضوح انطلاق النفث من قرص التراكم.

هذه المرة الأولى التي يُلتقط فيها موقع انطلاق نفث نجمي أولي. يؤكد هذا الاكتشاف أيضًا أن هذه النفثات تلعب دورًا حاسمًا في نمو النجوم حديثة الولادة، وذلك بإزالة الزخم الزاوي من قرص التراكم، ما يُتيح للمواد السقوط بسهولة على النجم.

المصدر: livescience

اقرأ أيضا:

صورة اليوم: مبارزة أسطورية بين وحشين سماويين

قد يعجبك أيضًأ