عجائب الأرض.. لغز تخزين الكربون في المحيط الجنوبي

الطحالب المجهرية المعروفة باسم الدياتوم
الطحالب المجهرية المعروفة باسم الدياتوم
كتبت – شيرين فرج:

يواصل تخزين الكربون في أعماق البحار، الكشف عن تعقيدات مدهشة. تلعب هذه النظم البيئية الضخمة تحت الماء دورًا محوريًا في تنظيم مناخ كوكبنا، وغالبًا ما تقود الكائنات الحية الدقيقة دورات بيوكيميائية رئيسية.

أحد هذه الاكتشافات، جاء في دراسة حديثة قادها المركز الوطني لعلوم المحيطات في المملكة المتحدة (NOC).

يقدم فريق البحث منظورًا جديدًا حول الدور الذي تلعبه مجموعة فريدة من الطحالب المجهرية في عزل الكربون – التخزين الطبيعي للكربون في المحيط.

تلعب الطحالب المجهرية المعروفة باسم الدياتوم دورًا مهمًا في سحب الكربون إلى أعماق المحيط، وخاصة في المحيط الجنوبي، الذي يحمل حوالي ثلث الكربون العضوي المخزن في محيطات العالم.

تحمل الدياتومات هياكل مميزة كثيفة تعتمد على السيليكا تشبه البيوت الزجاجية الصغيرة.

يعتقد العلماء منذ فترة طويلة أن هذه الهياكل توفر وزنًا كافيًا – أو ثقلًا – للطحالب الدياتومية لتغوص في المياه العميقة، وتسحب الكربون معها إلى الأعماق الزرقاء العميقة.

قالت الدكتورة ساري جيرينج، رئيسة الأبحاث في NOC، “يلعب المحيط دورًا رئيسيًا في دورة الكربون العالمية، حيث تمتص النباتات الدقيقة المجهرية مليارات الأطنان من الكربون من الغلاف الجوي كل عام”.

تمتص الدياتومات وأنواع أخرى من العوالق النباتية الكربون بالقرب من سطح البحر. هذه العملية هي جزء مما يُعرف بمضخة الكربون البيولوجية – وهي سلسلة من العمليات التي تنقل هذا الكربون إلى أعماق المحيط.

ولكن وفقًا للنتائج الأخيرة من دراسة NOC، فإن هياكل الدياتومات لا تصل إلى النزول الطويل. بدلاً من ذلك، تظل بالقرب من السطح، بينما يسافر الكربون إلى أعماق المحيط من خلال وسائل أخرى غير محددة حتى الآن.

قالت جيرينج: “نحن نفهم الآن أن الدياتومات لا تساهم دائمًا بشكل كبير في مضخة الكربون في المحيط الجنوبي كما كنا نعتقد ذات يوم. وهذا يعني أن هناك عمليات غير معروفة أو غير مقاسة بشكل جيد تحدث في أعماق المحيط والتي نحتاج إلى معرفة المزيد عنها”.

كان العلماء قلقين بشكل متزايد من أن ارتفاع درجة حرارة المحيط قد يؤثر على إنتاجية الدياتوم وبالتالي يقلل من فعالية مضخة الكربون البيولوجية في المحيط الجنوبي.

ومع ذلك، تشير هذه الدراسة الأخيرة إلى أن هذه التغييرات قد لا تؤثر بشكل كبير.

قال جاك ويليامز، باحث الدراسات العليا في جامعة ساوثهامبتون: “المحيط الجنوبي معرض لخطر ارتفاع درجة حرارة المحيط، ما قد يغير من توفر العناصر الغذائية ويقلل من أعداد الدياتومات في المستقبل. لكن نتائجنا تشير إلى أن هذه التغييرات قد لا تؤثر على قوة تخزين الكربون في المحيط الجنوبي بقدر ما كان يُعتقد سابقًا”.

يستمر الكربون في النزول إلى أعماق المحيط، ما يشير إلى وجود عمليات لم تكتشف بعد تحدث في “منطقة الشفق” من المحيط.

والكشف عن هذه العمليات أمر بالغ الأهمية للتنبؤ بدقة بكيفية تخزين المحيطات للكربون في المستقبل.

منطقة الشفق: حدود الاكتشاف

برزت منطقة الشفق، وهي طبقة في منتصف المحيط تمتد على أعماق تتراوح بين 100 و1000 متر، كمنطقة ذات أهمية بالغة للعلماء الذين يدرسون تخزين الكربون. وعلى الرغم من اسمها، فإن هذه المنطقة بعيدة كل البعد عن كونها فراغًا بلا حياة، فهي تستضيف نظامًا بيئيًا ديناميكيًا من الكائنات الحية والعمليات المعقدة التي بدأنا للتو في فهمها.

تشير النتائج الأخيرة إلى أن الكثير من الكربون المنقول إلى أعماق المحيط ينشأ في هذه الطبقة، متجاوزًا الآليات المرتبطة تقليديًا بالعوالق السطحية مثل الدياتومات.

في هذه المنطقة ذات الإضاءة الخافتة، ينقل الكربون بواسطة جزيئات غارقة تُعرف باسم الثلج البحري – مجموعات من المواد العضوية والعوالق الميتة وغيرها من الحطام. ومع ذلك، لا تزال العمليات الدقيقة التي تمكن من هذا النزول بعيدة المنال.

تعمل منطقة الشفق كبوابة تحدد كمية الكربون التي تصل إلى أعماق المحيط. وفهم هذه المسارات أمر حيوي لتحسين نماذج المناخ والتنبؤ بكيفية استجابة تخزين الكربون في المحيط للاحتباس الحراري العالمي.

نشرت الدراسة كاملة في مجلة “نيتشر”.

اقرأ أيضا:

كائن يعيش منذ ملايين السنين.. يواجه خطر الانقراض

قد يعجبك أيضًأ