كتب – باسل يوسف:
عندما نرى أشياء في صناديق العرض بالمتاحف، فإنها غالبًا لا تحكي قصتها بالكامل. هناك شيء لا نلحظه أبدا، وهو الرائحة. نفقد الكثير من المعلومات القيمة نتيجة لذلك، مثل كيفية إنتاج الشيء أو كيفية عمله.
هناك مجال علمي يسمى التراث الحسي، يتعلق بكيفية تعاملنا مع الأشياء التراثية بحواس أخرى غير البصر. وكجزء من هذا، يطور الباحثون أساليب لتحديد الروائح المهمة ثقافيًا والحفاظ عليها.
في هذا الإطار طلبت جامعة ليوبليانا، بالتعاون مع جامعة كراكوف والمتحف المصري في القاهرة، المساعدة في دراسة الجثث المحنطة. كانت ليوبليانا تدرس مومياء في المتحف الوطني في سلوفينيا، ودُعيت لتوسيع نطاق بحثها ليشمل بعض المومياوات في القاهرة، بقيادة الأستاذة ماتيجا سترليتش وباحثة الدكتوراه إيما باولين.
درس العلماء 9 مومياوات في المتحف المصري، 4 منها كانت معروضة وخمسة في المخزن. ويعود تاريخ أقدمها إلى 3500 عام.
ضم الفريق 8 خبراء في الشم، بعضهم متخصص والبعض الآخر خبراء من المتحف المصري تلقوا تدريبًا على الشم مسبقًا.
أجرى الباحثون في البداية تحليلا كيميائيا للتأكد من أن المومياوات آمنة للشم، كان العديد منها يحتوي على تركيزات عالية من المبيدات الحشرية، التي يمكن أن تكون مسببة للسرطان، لذلك استبعدت من الدراسة.
أدخل الباحثون أنابيب صغيرة في التوابيت لاستخراج كميات من الهواء. ووضعت كمية محددة من هذا الهواء في أكياس خاصة لتجربتها، إضافة إلى عينات أخرى لاختبار المركبات العضوية المتطايرة.
وعلى عكس الاعتقاد الشائع، كان من المدهش أن الروائح لطيفة للغاية. تضمنت أوصاف فريق الشم “خشبية”، و”زهرية”، و”حلوة”، و”حارة”، و”عتيقة” و”شبيهة بالراتنج”. وتمكن الباحثون من تحديد مكونات التحنيط القديمة بما في ذلك زيوت الصنوبر، واللبان، والمر والقرفة.
كما حددوا الدهون الحيوانية المتحللة المستخدمة في عملية التحنيط؛ والبقايا البشرية نفسها؛ والمبيدات الحشرية الاصطناعية والزيوت النباتية الحميدة لمكافحة الآفات التي استخدمها المتحف مؤخرًا للحفاظ عليها.
كانت رائحة المومياوات في صناديق العرض أقوى من تلك الموجودة في المخازن، ولكن لم تكن أي منها قوية مثل العطور على سبيل المثال. ومن المدهش أن رائحة أحدها كانت تشبه رائحة الشاي الأسود بشكل واضح، وربما كان المصدر مادة كيميائية تسمى الكاريوفيلين.
سيعيد الباحثون بناء رائحة الجثث المحنطة حتى يتمكن زوار المتحف المصري من تجربتها بأنفسهم، وفقا للتركيب الكيميائي الدقيق الذي توصل إليه الفريق.
سيسيليا بيمبيبر، محاضرة في التراث المستدام، جامعة كوليدج لندن
المصدر: The Conversation
اقرأ أيضا: