كتب – رامز يوسف:
منذ أن سجل الإغريق القدماء أول ملاحظة للقمر الدائري والسماء، عرف العلماء أن الأرض كروية. ورأينا جميعًا صورًا جميلة للأرض من الفضاء، بعضها التقطه رواد الفضاء والبعض الآخر جاء من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض.
إذن: لماذا لا يبدو كوكبنا مستديرًا عندما نقف في حديقة أو ننظر من النافذة؟
الجواب كله يتعلق بالمنظور. البشر كائنات صغيرة جدًا تعيش على كرة كبيرة حقًا.
يبلغ متوسط طول الشخص البالغ ما بين (1.5 إلى 2 متر)، والأطفال أصغر حجمًا. تخيل أنك بهلوان سيرك تقف على كرة يبلغ عرضها حوالي (متر واحد). من أعلى الكرة، ستراها تنحني بعيدًا عن قدميك في جميع الاتجاهات.
الآن تخيل ذبابة صغيرة على كرة السيرك تلك. ربما يكون مجال رؤيتها على بعد مليمتر أو أقل فوق السطح. نظرًا لأن الذبابة أصغر كثيرًا من الكرة، ولأن مجال رؤيتها قريب من السطح، فلا يمكنها رؤية الكرة بالكامل.
يبلغ عرض الأرض حوالي (12.8 مليون متر)، وحتى مجال رؤية الشخص البالغ طويل القامة لا يزيد على (حوالي 2 متر) فوق سطحها. لا توجد طريقة يمكن لأعيننا من خلالها استيعاب حجم الأرض الكروية عندما نقف عليها. لا يمكنك معرفة أن الأرض كروية حتى لو صعدت إلى قمة جبل إيفرست، الذي يبلغ ارتفاعه (8850 مترًا) فوق مستوى سطح البحر.
الطريقة الوحيدة لرؤية انحناء الأرض هي الطيران لارتفاع أكثر من (10 كيلومترات) فوق سطحها. وذلك لأن طول الأفق الذي نراه يعتمد على مدى ارتفاعنا عن سطح الأرض.
عندما نقف على الأرض دون أن يحجل شيء رؤيتنا، تستطيع أعيننا أن ترى حوالي (4.8 كيلومتر) من الأفق. وهذا لا يكفي من محيط الكوكب لرؤية انحناء خط الأفق. ومثل الذبابة على كرة السيرك، لا نستطيع أن نرى ما يكفي من الحافة حيث تلتقي الأرض بالسماء.
لرؤية الكوكب الكروي بالكامل، ستحتاج إلى ركوب رحلة مع رائد فضاء أو قمر صناعي. وهذا من شأنه أن يمنحك رؤية كاملة للأرض من مسافة أكبر بكثير.
كما تستطيع الطائرات التجارية الكبيرة أن تطير على ارتفاعات عالية بما يكفي لإلقاء نظرة خاطفة على انحناء الأرض، على الرغم من أن الطيارين لديهم رؤية أفضل بكثير من مقدمة الطائرة مقارنة بالركاب من النوافذ الجانبية.
نظرية الذبابة والكرة
حتى من الفضاء، لن تكتشف شيئًا مهمًا حول شكل الأرض: إنها ليست مستديرة تمامًا. إنها في الواقع كروية مفلطحة قليلاً، أو بيضاوية. وهذا يعني أن عرضها حول خط الاستواء أوسع قليلاً من طولها، مثل كرة جلس عليها شخص ما وسحقها قليلاً.
يحدث هذا بسبب دوران الأرض، الذي يخلق قوة الطرد المركزي – نفس القوة التي قد تجعلك تطير من دوامة دوارة إذا لم تمسك بها. تنتج هذه القوة انتفاخًا طفيفًا عند خط وسط الكوكب.
كما تعمل السمات الطبوغرافية على سطح الأرض، مثل الجبال والخنادق في أعماق البحار، على تشويه شكلها قليلاً. فهي تسبب اختلافات صغيرة في قوة المجال الجاذبي للأرض – القوة التي تسحب جميع الأجسام على الأرض إلى الأسفل، باتجاه مركز الكوكب.
علم الأرض، لديه فرع يسمى الجيوديسيا مخصص لدراسة شكل الأرض وكيفية وضعها في الفضاء. يخبرنا الجيوديسيا بكل شيء من بناء المجاري ورسم خرائط دقيقة لارتفاع مستوى سطح البحر إلى إطلاق المركبات الفضائية وتتبعها. إنه مجال مهم من مجالات البحث العلمي الحالي ويذكرنا بأننا ما زلنا نتعلم عن هذا الكوكب المذهل الذي نعتبره موطننا.
المصدر: The Conversation
اقرأ أيضا: