لماذا تتكرر الكوابيس بنفس التفاصيل في أحلامنا؟

كتبت – شيرين فرج:

لماذا يبدو الأمر وكأن نفس الأحلام تلاحقنا باستمرار؟ ربما حلمت بالتحليق مثل الطيور منذ الطفولة، أو بدأت مؤخرًا في إعادة زيارة مكان أو وقت معين أثناء النوم. ربما لا يزال يوم سيئ في العمل يثير كوابيس الامتحان، حتى لو لم تكن طالبًا لعقود من الزمان.

إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك. الأحلام المتكررة ظاهرة شائعة بشكل مدهش: تُظهر الأبحاث أن ما يصل إلى 75% من البالغين يختبرون حلمًا واحدًا على الأقل خلال حياتهم. في بعض الأحيان تكون متطابقة تقريبًا في كل مرة تحدث فيها، ولكنها قد تحتوي أيضًا على موضوعات أو مواقع أو شخصيات متكررة في خلفيات مختلفة.

هذا التقلب يميز الأحلام المتكررة عن الأحلام السيئة التي تسببها اضطرابات ما بعد الصدمة، وهي حالة نفسية يستعيد فيها الأشخاص ذكريات معينة من حياتهم اليقظة مع اختلافات أقل بكثير أثناء النوم. لا يزال الخبراء غير متأكدين من سبب حدوث الأحلام المتكررة على الإطلاق، لكن الأبحاث الجديدة تساعد في تحديد الأنماط بشكل أفضل في تواترها ومحتواها، وكذلك في السيناريوهات التي تثيرها.

عززت الدراسات الحديثة الفكرة الراسخة بأن الأحلام المتكررة غالبًا ما تكون سيئة – ولكن ليس دائمًا. في استطلاع أجراه مايكل شريدل، رئيس مختبر النوم في المعهد المركزي للصحة العقلية في ألمانيا، وزملاؤه، أشار البالغون إلى الأحلام المتكررة على أنها “سلبية النبرة” في ثلثي الوقت؛ غالبًا ما تطرقت هذه الأحلام إلى موضوعات مثل المطاردة أو الهجوم، أو الوصول إلى مكان ما متأخرًا أو الفشل في شيء ما. على النقيض من ذلك، تضمنت الأحلام المتكررة الإيجابية للمشاركين موضوعات مثل الطيران أو اكتشاف غرفة جديدة في منزلهم.

لا نفهم تمامًا الأسباب التي قد تجعلنا أكثر ميلًا للأحلام السلبية، لكن شريدل يقول إن الأحلام تبالغ عادةً في إضفاء طابع دراماتيكي على شيء ما في حياتنا اليقظة – حتى الشعور الصغير أو الموقف البسيط الذي نشعر بالعجز عن تغييره. ويوضح: “في الحلم، يصبح الأمر عاطفيا أكبر بكثير، على الرغم من أن الارتباط ليس دائمًا مباشرًا أو واضحًا”.

تقدم علوم النفس والأعصاب أدلة إضافية. على سبيل المثال، نحن عرضة لما يُعرف بالتحيز السلبي: وهو ميل إلى التركيز بشكل أكبر على الأفكار أو المشاعر أو التفاعلات الاجتماعية غير السارة بدلاً من التركيز على الإيجابية. هذا السلوك متجذر في حاجتنا اللاواعية لحل المواقف السلبية التي تهدد بقاءنا. قد يتفاقم التحيز السلبي أثناء النوم لأن دماغنا الحالم يثبط المناطق المرتبطة بالمنطق الخطي وينشط الأجزاء المرتبطة بالعاطفة، ما يضعف الفلتر بين أفكارنا ومشاعرنا.

كان فهم الأسس النفسية للأحلام المتكررة أمرًا صعبًا للدراسة لأنه من الصعب التحكم في الأحلام في سياق تجريبي. لكن أحداثًا مثل هجمات 11 سبتمبر الإرهابية أو جائحة كوفيد-19، تلك التي عانى فيها العديد من الأشخاص من صدمة مشتركة، سمحت للعلماء بالتحقيق في أنماط معينة مرتبطة بالأحلام بمزيد من التفصيل.

الكوابيس والكوارث

تقول ديدري لي باريت، الباحثة في الأحلام ومؤلفة كتاب “أحلام الوباء” لعام 2020، إن الأشخاص الذين يعيشون في كوارث إقليمية أو عالمية غالبًا ما يعانون من زيادة “مذهلة” في الأحلام المتكررة ذات النغمة السلبية بعد ذلك.

خلال الوباء، جمعت باريت أكثر من 15 ألف تقرير عن الأحلام، وأظهرت أن الموضوعات المتكررة التي تنطوي على الخوف والمرض والموت كانت أكثر شيوعًا بمقدار مرتين إلى 4 مرات في أحلام الناس مما كانت عليه قبل بدء الوباء. تضمنت الروايات الشائعة مشاهدة الأحباء يموتون، ورؤية أسراب الحشرات (ربما تنبع من وصف كوفيد بأنه “حشرة”، كما تقول باريت) وتجربة الكوارث، مثل موجات المد، التي ترمز إلى شيء مستهلك بالكامل.

وجدت باريت أن الأحلام في وقت مبكر من الوباء تميل إلى أن تكون أكثر حرفية وتحفز المزيد من الخوف والقلق. بمرور الوقت، تحولوا نحو مواقف أقل رعبًا ولكنها لا تزال غير سارة تتعلق بالحرج الاجتماعي، مثل أن تكون الشخص الوحيد في الأماكن العامة الذي لا يرتدي قناعًا للوجه. تقول باريت، في إشارة إلى ما يُعرف باسم “فرضية الاستمرارية”، “من الواضح أنها مرتبطة إلى حد ما بما يحدث في حياتنا اليومية”. وتوضح: “إذا لم تكن تعالج المشاعر أثناء النهار، فإن وعيك الليلي سيحاول معالجتها في الليل”.

تؤكد باريت وخبراء آخرون أن الأحلام السلبية المتكررة شائعة وطبيعية وأن هناك خطوات قابلة للتنفيذ للسيطرة عليها. وجد بعض الناس النجاح في ممارسة تسمى العلاج بالتدريب على التخيل، إذ يعيدون تخيل كوابيسهم مرارًا وتكرارًا بنهايات أكثر سعادة قبل الذهاب إلى النوم. كما توصي نيريت سوفير دوديك، باحثة في الوعي وطبيبة نفسية سريرية، بتنمية “نظافة النوم” الجيدة. وتقول إنه من خلال تحديد جدول نوم ثابت، والحد من استخدام الشاشات وتجنب الكافيين أو الكحول قبل النوم، “ستقل احتمالية نومك وأنت لا تزال في حالة عاطفية متوترة. وأفضل نصيحة هي محاولة فرض حدود قوية بين وقت الاستيقاظ والنوم لتجنب جلب القلق إلى أحلامك”.

المصدر: ScientificAmerican

اقرأ أيضا:

لماذا زادت مواليد التوائم في السنوات الأخيرة؟

قد يعجبك أيضًأ