كتبت – شيرين فرج:
ربما تتلقى دائما نصيحة بارتداء ملابس ثقيلة قبل الخروج في الشتاء، وإلا فإنك ستصاب بنزلة البرد. فهل حقا تزيد احتمالية إصابتك بنزلة البرد في الطقس البارد؟
ببساطة، نعم: تصل حالات الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد الشائعة، إلى ذروتها في المناطق المعتدلة خلال فصل الشتاء. وفي حين أن الطقس البارد لا يسبب العدوى بشكل مباشر، تشير الأبحاث إلى أنه قد يجعلك أكثر عرضة للإصابة بها.
يرجع التفسير الشائع لهذا إلى كيفية انتقال عدوى الجهاز التنفسي من شخص إلى آخر. تنتشر الفيروسات التي تسبب نزلات البرد الشائعة والإنفلونزا من الأشخاص المصابين إلى الآخرين عبر الرذاذ في الهواء، عندما يعطس الأشخاص المصابون أو يتحدثون أو يسعلون. يمكن أن يصاب الأفراد أيضًا بهذه الفيروسات عندما يلمسون الأسطح أو الأشياء الملوثة ثم يلمسون أفواههم أو أنوفهم أو أعينهم.
خلال فصل الشتاء، نقضي عادةً وقتًا أطول في الداخل، ما يعني أننا نقضي وقتًا أطول بالقرب من الأشخاص الآخرين، وربما في أماكن ذات تهوية سيئة. وهذا يجعل الفيروسات أكثر عرضة للانتشار.
ولكن إلى جانب هذه التغييرات السلوكية، أظهر العلماء أن هناك آليات بيولوجية مميزة تفسر سبب إصابتنا بنزلات البرد أكثر في الطقس البارد – وهي مرتبطة بدرجة حرارة ورطوبة الهواء.
على سبيل المثال، تعد الخلايا “الظهارية” التي تبطن الأنف خط الدفاع الأول ضد الفيروسات التي نستنشقها من الهواء. عادةً، استجابةً للعدوى الفيروسية، تزيد هذه الخلايا من إفراز أكياس صغيرة مملوءة بالسوائل – تسمى الحويصلات خارج الخلية – والتي تساعد في التخلص من الجسيمات الفيروسية قبل أن تتمكن من غزو بقية الجسم، كما قال الدكتور بنيامين بليير، مدير جراحة قاعدة الجمجمة بالمنظار في مركز ماساتشوستس للعين والأذن.
تحتوي هذه الحويصلات أيضًا على جزيئات تسمى microRNA التي تمنع الفيروسات من نسخ مادتها الوراثية. وقال إن هذا يمنع الجراثيم من التكاثر والدخول إلى أنسجتنا.
ولكن بليير وزملاءه أظهروا أن هذا النظام يخرج عن مساره في الطقس البارد. على سبيل المثال، يحدث هذا عندما تتعرض الخلايا الظهارية في الأنف لانخفاضات في درجات الحرارة مماثلة لما قد يحدث عندما يخرج الناس في الطقس البارد – عندما تنخفض درجة الحرارة داخل الأنف من (37 إلى 32 درجة مئوية). ونتيجة لذلك، تضاعف الفيروسات التنفسية قدرتها على التكاثر بشكل فعال، كما وجد الفريق.
وقال بليير إن هذه النتائج تشير إلى أن ارتداء أغطية الوجه، مثل الأقنعة، قد يكون مفيدًا لسببين رئيسيين. أولاً، تعمل هذه الأغطية على تقليل كمية جزيئات الفيروس التي يمكن أن تدخل الأنف، وثانيًا، تحتفظ بوسادة من الهواء الدافئ أمام الوجه تساعد في الحفاظ على عمل الخلايا الظهارية الأنفية بأفضل ما يمكن.
هناك شيء آخر يمكن أن يؤثر على كيفية استجابة الجسم للفيروسات في الشتاء وهو الرطوبة، حيث يميل الهواء داخل منازلنا إلى أن يكون أكثر جفافًا من المعتاد خلال هذا الموسم.
قالت أكيكو إيواساكي، أستاذة علم المناعة في جامعة ييل في كونيتيكت: “عندما تأخذ الهواء البارد من الخارج ثم تسخنه داخل المنزل، يحتوي هذا الهواء على القليل جدًا من بخار الماء”.
في دراسة نشرت عام 2019، وجدت إيواساكي وفريقها أنه عندما تعيش الفئران في ظروف الهواء الجاف – بين 10٪ و 20٪ رطوبة نسبية – تنخفض قدرتها على مكافحة عدوى الإنفلونزا، مقارنة بالفئران التي تعيش في رطوبة نسبية 50٪.
يرجع هذا إلى أن الهواء الجاف، مثل الهواء البارد، يعبث أيضًا بالخلايا الظهارية. في هذه الحالة، فإنه يمنع نتوءات صغيرة تشبه الأصابع، تسمى الأهداب، والتي تبرز من الخلايا، من الالتواء وإزالة الجسيمات الفيروسية. وقالت إيواساكي إنه عندما يتعطل عمل الأهداب، يمكن للفيروسات دخول الخلايا في الجسم بسهولة أكبر.
لأسباب غير معروفة، في الظروف الجافة، تفرز الخلايا المناعية داخل الجهاز التنفسي أيضًا موادا كيميائية أقل، تسمى الإنترفيرونات، تساعد على منع الفيروسات من التكاثر.
وأظهرت أبحاث مماثلة أجريت على البشر أيضًا أن الأهداب أقل قدرة على تطهير الجهاز التنفسي من الجراثيم في ظروف الرطوبة المنخفضة، ما قد يسهل انتشار المرض.
ولذلك، يعتقد الفريق أن الحفاظ على رطوبة المنازل والمكاتب والمستشفيات والمدارس خلال فصل الشتاء قد يكون أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على دفاعات الجهاز التنفسي المناعية سليمة، كما قالت إيواساكي. وأضافت أن المستوى المثالي يتراوح بين 40% و60% من الرطوبة النسبية الداخلية.
المصدر: Live Science
اقرأ أيضا: