كتب – رامز يوسف:
يُؤثر الكحول، سواءً كنت تتناوله بانتظام أو في مناسبات خاصة، سلبًا على جسمك. بدءًا من الدماغ والقلب، مرورًا بالرئتين والعضلات، وصولًا إلى الجهاز الهضمي والجهاز المناعي، وتصل الآثار الضارة إلى التسبب في السرطان.
في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، اشتبه الباحثون في أن الكحول يُمكن أن يُسبب السرطان. وأظهرت الدراسات الوبائية أن الكحول يرتبط ارتباطًا سببيًا بسرطان الفم والحلق والحنجرة والمريء والكبد والقولون والمستقيم والثدي. وأشارت دراسة أخرى إلى وجود علاقة بين الشرب المزمن والإفراط في الشرب وسرطان البنكرياس.
في عام 2000، توصل البرنامج الوطني الأمريكي لعلم السموم إلى تصنيف المشروبات الكحولية مادة مسرطنة. وفي عام 2012، صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، الكحول كمسرطن من المجموعة الأولى، وهو أعلى تصنيف يشير إلى وجود أدلة كافية لاستنتاج أن مادة ما تسبب السرطان لدى البشر.
تتفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والمعاهد الوطنية للصحة على وجود أدلة قاطعة على أن الكحول يسبب عدة أنواع من السرطان.
تنص الإرشادات الغذائية الأمريكية على أن حتى الكميات القليلة من الكحول – أقل من مشروب واحد يوميًا – تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. وعلى الرغم من ذلك، لا يدرك معظم الناس أن الكحول يسبب السرطان.
كيف يُسبب الكحول السرطان؟
يحدث السرطان عندما تنمو الخلايا بشكل لا يمكن السيطرة عليه في الجسم. قد يؤدي الكحول إلى تكوين الورم عن طريق إتلاف الحمض النووي، ما يُسبب طفرات تُعطل انقسام الخلايا ونموها الطبيعي.
حدد الباحثون عدة آليات مرتبطة بالكحول وتطور السرطان. يُسلط تقرير صادر عام 2025، الضوء على 4 طرق مميزة يُمكن أن يُسبب بها الكحول السرطان: أيض الكحول، والإجهاد التأكسدي والالتهابات، والتغيرات في مستويات الهرمونات، والتفاعلات مع مواد مسرطنة أخرى مثل دخان التبغ.
أيض الكحول هو العملية التي يُحلل بها الجسم الكحول ويتخلص منه. عندما يتحلل الكحول، يكون أول ناتج ثانوي له هو الأسيتالديهيد، وهي مادة كيميائية تُصنف بدورها على أنها مادة مسرطنة. وجد الباحثون أن بعض الطفرات الجينية قد تدفع الجسم إلى تكسير الكحول بشكل أسرع، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الأسيتالديهيد.
وهناك أيضًا أدلة قوية على أن الكحول قد يحفز الجسم على إطلاق جزيئات ضارة تُسمى الجذور الحرة. يمكن لهذه الجزيئات أن تُلحق الضرر بالحمض النووي والبروتينات والدهون في الخلايا في عملية تُسمى الإجهاد التأكسدي.
وجد الباحثون أن الجذور الحرة الناتجة عن استهلاك الكحول يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على كيفية إنتاج الخلايا للبروتينات وتكسيرها، ما ينتج عنه بروتينات غير طبيعية تُعزز الالتهاب الذي يُساعد على تكوين الأورام.
كما يمكن للكحول أن يؤثر بشكل مباشر على مستويات الهرمونات بطرق تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. على سبيل المثال، يمكن أن يزيد هرمون الإستروجين من خطر الإصابة بسرطان الثدي. يمكن أن يؤدي شرب الكحول باعتدال إلى رفع مستويات هرمون الإستروجين. كما يزيد الكحول من خطر الإصابة بسرطان الثدي عن طريق تقليل مستويات فيتامين أ، وهو مركب يُنظم هرمون الإستروجين.
الأشخاص الذين يشربون ويدخنون معرضون لخطر متزايد للإصابة بسرطان الفم والبلعوم والحنجرة. يُسهّل الكحول على الجسم امتصاص المواد المسرطنة الموجودة في السجائر الإلكترونية. كما أن التدخين بحد ذاته قد يُسبب الالتهاب ويُحفّز الجذور الحرة التي تُتلف الحمض النووي.
ما هي كمية الكحول الآمنة؟
قد تتساءل عن كمية الكحول التي يُمكنك شربها بأمان وتجنب الضرر. إذا سألت الأطباء والعلماء، فقد لا تُعجبك الإجابة: لا شيء.
تُوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والإرشادات الغذائية الأمريكية بعدم تناول أكثر من مشروب واحد يوميًا للنساء، ومشروبين للرجال.
يُعدّ استهلاك الكحول سببًا رئيسيًا للسرطان يُمكن الوقاية منه. ومع ذلك، لا توجد حاليًا طريقة لتحديد خطر الإصابة بالسرطان لدى شخص ما بسبب الكحول.
يمكن أن تؤثر الخلفية الوراثية الفردية، ونمط الحياة، والنظام الغذائي، وعوامل صحية أخرى على آثار الكحول على تكوّن الأورام.
مع ذلك، فإن إعادة النظر في عادات شرب الكحول يمكن أن يساعد في حماية صحتك وتقليل خطر الإصابة بالسرطان.
برانوتي ماندريكار، أستاذ الطب، كلية الطب بجامعة ماساتشوستس تشان
المصدر: The Conversation
اقرأ أيضا: