كتب – رامز يوسف:
اليوم، نعرف أكثر من 5000 كوكب خارج نظامنا الشمسي تدور حول نجوم أخرى. وبينما يستمر الجهد لاكتشاف عوالم جديدة، فإننا نتعلم المزيد عن الكواكب الخارجية التي اكتشفناها بالفعل: أحجامها، ومكوناتها، وما إذا كان لها غلاف جوي.
. يشقدم فريق بحثي الآن دليلاً مبدئيًا على وجود غلاف جوي غني بالكبريت في عالم يبلغ حجمه 1.5 ضعف حجم الأرض ويقع على بعد 35 سنة ضوئية. وإذا تأكد ذلك، سيكون أصغر كوكب خارجي معروف له غلاف جويير الوجود المحتمل لغازات ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وكبريتيد الهيدروجين (H2S) في هذا الغلاف الجوي إلى سطح منصهر أو بركاني.
في نظامنا الشمسي، لدينا فئتان متميزتان من الكواكب – الكواكب الصخرية الصغيرة، بما في ذلك الأرض والمريخ، والكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري وزحل. ومع ذلك، تمتد الكواكب الخارجية على طيف كبير من الأحجام. يفتقر نظامنا الشمسي إلى كوكب يقع حجمه في النطاق بين الأرض ونبتون، لكن اتضح أن هذا هو النوع الأكثر شيوعًا من الكواكب التي رأيناها حول النجوم الأخرى في مجرتنا.
تسمى الكواكب الأقرب إلى حجم نبتون بـ sub-Neptunes وتسمى الكواكب الأقرب إلى حجم الأرض بالأرض الفائقة.
L 98-59 d هو كوكب فائق، أكبر وأثقل قليلاً من الأرض. لا يزال تكوين الغلاف الجوي لهذه الكواكب سؤالاً مفتوحًا، وهو سؤال بدأ الباحثون استكشافه أخيرا باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST).
اكتشف L 98-59 d في عام 2019 باستخدام تلسكوب تيس الفضائي التابع لوكالة ناسا، عبر قياس الانخفاضات الطفيفة في ضوء النجوم عندما يمر الكوكب أمام النجم. يكون هذا الانخفاض أكثر وضوحًا للكواكب الأكبر حجمًا ويمكّننا من معرفة حجمه.
حتى تلسكوب جيمس ويب لا يمكنه فصل هذه الكواكب الصغيرة عن نجومها المضيفة – لأنها تدور حول نجومها عن كثب. ولكن هناك طريقة لرؤية الغلاف الجوي للكوكب من هذا الضوء المتشابك. عندما يمر كوكب أمام نجمه، يتسرب بعض ضوء النجم عبر الغلاف الجوي للكوكب، ويصطدم بجزيئات الغاز أو الذرات الموجودة هناك، في طريقه إلينا على الأرض.
كل غاز يعدل الضوء بطريقته الخاصة. ومن الضوء الذي نتلقاه من نظام النجوم هذا، يمكننا أن نستنتج ما قد يكون عليه تكوين الغلاف الجوي لهذا الكوكب. وهذا ما يسمى بالتحليل الطيفي النافذ، وهي تقنية مثبتة استخدمت سابقًا لتأكيد وجود ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكوكب خارجي.
استخدم فريق دولي من العلماء تلسكوب جيمس ويب لمراقبة عبور واحد لـ L 98-59 d عبر قرص نجمه المضيف. وحصلوا على طيف النافذ للغلاف الجوي للكوكب الخارجي من هذه الملاحظات. أشار هذا الطيف إلى وجود محتمل لجو مليء بثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين.
كان هذا الاكتشاف مفاجئًا، لأنه يتناقض بشكل صارخ مع أجواء الكواكب الصخرية في نظامنا الشمسي، حيث يتواجد بخار الماء وثاني أكسيد الكربون بشكل أكبر. على سبيل المثال، الغلاف الجوي للأرض غني بالنيتروجين والأكسجين، مع كميات ضئيلة من بخار الماء. وفي الوقت نفسه، يتمتع كوكب الزهرة بغلاف جوي سميك يهيمن عليه ثاني أكسيد الكربون. حتى المريخ لديه غلاف جوي رقيق يهيمن عليه ثاني أكسيد الكربون.
واستخدم الفريق نماذج كمبيوترية تتضمن فهمنا للغلاف الجوي للكواكب والضوء القادم من L 98-59 d للتوصل إلى صورة محتملة لتكوين الغلاف الجوي لهذا الكوكب. يشير غياب الغازات الشائعة مثل ثاني أكسيد الكربون ووجود SO2 وH2S إلى غلاف جوي تشكله عمليات مختلفة تمامًا عن تلك التي نعرفها في نظامنا الشمسي. وهذا يشير إلى ظروف فريدة ومتطرفة على L 98-59 d، مثل السطح المنصهر أو البركاني.
ستكون هناك حاجة إلى ملاحظات إضافية لتأكيد وجود هذه الغازات. كانت ملاحظات تلسكوب جيمس ويب قد رصدت في السابق علامات على وجود SO₂ على كوكب خارج المجموعة الشمسية، ولكن هذا كان كوكبًا غازيًا عملاقًا، وليس عالمًا صخريًا محتملًا مثل L 98-59 d.
براكين خارجية
يثير الوجود المحتمل لغازي SO2 وH2S تساؤلات حول أصلهما. ومن بين الاحتمالات المتفجرة النشاط البركاني الناجم عن التسخين المدّي، تمامًا مثل ذلك الذي لوحظ على قمر المشتري آيو. تعمل قوة الجاذبية للنجم المضيف على هذا الكوكب على تمديده وضغطه أثناء سيره على طول مداره. يمكن لهذه الحركة أن تسخن مركز الكوكب، وتذيب أجزاءه الداخلية وتنتج ثورات بركانية شديدة وربما حتى محيطات من الصهارة.
بالإضافة إلى قربه من النجم (سنة واحدة على هذا الكوكب تعادل 7.5 يوم أرضي)، يمكن الوصول إلى درجات حرارة جهنمية على السطح. وإذا دعمت الملاحظات المستقبلية وجود مثل هذا الغلاف الجوي، فلن يكون أصغر كوكب خارجي يُكتشف غلاف جوي له فحسب، بل سيكون أيضًا خطوة حاسمة نحو فهم طبيعة مثل هذه الكواكب.
قد لا يكون L 98-59 d مرشحًا للحياة كما نعرفها، لكن دراسة غلافه الجوي الكبريتي والبراكين المحتملة توفر نظرة ثاقبة قيمة للعوالم حول النجوم الأخرى. تساعدنا العوالم المتطرفة مثل هذه على فهم تنوع تطور الكواكب عبر المجرة.
المصدر: The Conversation
اقرأ أيضا: