كتب – رامز يوسف:
في صورة جديدة وحيوية التقطها التلسكوب العملاق، تحتضن مجرة بعيدة ثقبًا أسودًا فائق الكتلة نهمًا، يبدو وكأنه يعبث بغذائه.
تبعد مجرة حلزونية تُعرف باسم NGC 4945 أكثر من 12 مليون سنة ضوئية عن الأرض، وهي تنفث رياحًا قوية من المادة من الثقب الأسود فائق الكتلة الواقع في مركزها. وباستخدام التلسكوب العملاق التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (ESO)، الواقع على جبل سيرو بارانال في صحراء أتاكاما شمال تشيلي، التقط علماء الفلك صورة عن قرب لنواة المجرة النشطة والرياح السريعة المتدفقة من الثقب الأسود.
تشير الصورة إلى أن “فتات” المادة بين النجوم تتناثر في الفضاء بينما يلتهم الثقب الأسود الجائع عشاءه. صرح مسؤولو المرصد الأوروبي الجنوبي في بيان: “في قلب كل مجرة تقريبًا يوجد ثقب أسود فائق الكتلة. بعضها، مثل الثقب الموجود في مركز مجرتنا درب التبانة، ليس متعطشًا للطعام. لكن الثقب الأسود فائق الكتلة في المجرة NGC 4945 نهم، إذ يستهلك كميات هائلة من المادة”.
تتحرك الرياح المجرية، التي تظهر في الصورة على شكل نفثات مخروطية ساطعة من المادة، بسرعة كبيرة لدرجة أن الغاز والغبار ربما يتسربان من المجرة ويُقذفان إلى الفضاء بين المجرات قبل أن يتمكن الثقب الأسود من التهامهما.
وأضاف مسؤولو المرصد الأوروبي الجنوبي: “هذا الوحش الفوضوي، على عكس السمعة المعتادة للثقوب السوداء في استهلاكها الشامل، يُطلق رياحًا قوية من المادة”.
تُظهر البيانات أن الرياح المجرية المرصودة في NGC 4945 تتسارع مع ابتعادها عن الثقب الأسود المركزي، باتجاه أطراف المجرة. يُعد هذا سلوكًا غير مألوف، نظرًا لأن الرياح المجرية عادةً ما تتباطأ مع ابتعادها عن مركز المجرة.
يمكن لهذه الرياح سريعة الحركة أن تؤثر بشكل كبير على مجرتها المضيفة. فمن خلال قذفها للمواد من المجرة، تمنع الرياح تكوين النجوم.
وقال البيان: “يُظهر هذا أيضًا أن الثقوب السوداء الأقوى تعيق نموها عن طريق إزالة الغاز والغبار الذي تتغذى عليه، ما يدفع النظام بأكمله نحو نوع من التوازن المجري.. الآن، ومع هذه النتائج الجديدة، نقترب خطوة أخرى من فهم آلية تسارع الرياح المسؤولة عن تشكيل المجرات وتاريخ الكون”.
في الصورة المُقربة لمجرة NGC 4945، تُحجب نواة المجرة النشطة بالغبار والغاز اللذين تجذبهما إلى هذه المنطقة جاذبيتها القوية للثقب الأسود، الذي يتغذى على المادة بين النجمية. تتألق الرياح المجرية المتوهجة عبر سحب الغبار والغاز، متدفقةً من الثقب الأسود. وقد أُضيفت هذه الصورة المُكبّرة إلى صورة أوسع لمجرة NGC 4945، التُقطت بواسطة تلسكوب MPG/ESO في لا سيلا، تشيلي.
نُشرت دراسة لهذه الرياح المجرية في مجلة Nature Astronomy.
المصدر: Space.com
اقرأ أيضا: