كتب – باسل يوسف:
باستخدام تغيرات طفيفة في ارتفاع سطح البحر للكشف عن التضاريس تحت الماء، رسم الباحثون خرائط تفصيلية غير مسبوقة لمناطق شاسعة من قاع البحر، كانت مخفية سابقًا. تكشف هذه الخرائط الجديدة عن عشرات الآلاف من الجبال والتلال المجهولة تحت الماء، والتي تُشكل النظم البيئية في أعماق البحار، وتُقدم أدلة على الماضي الجيولوجي للأرض.
مع هذا الاكتشاف، يقترب العلماء بسرعة من رسم خريطة كاملة لقاع المحيط، متقدمة بعقود عما يُمكن أن تُحققه خرائط السونار وحدها.
لدينا خرائط أكثر تفصيلًا لسطح القمر من خرائط قاع محيط الأرض. وعمل العلماء لعقود على تغيير ذلك. الآن، خطا فريق بحثي مدعوم من وكالة ناسا خطوةً كبيرةً للأمام من خلال إنشاء واحدة من أكثر خرائط قاع البحر تفصيلاً حتى الآن، باستخدام بيانات من القمر الصناعي SWOT (تضاريس المياه السطحية والمحيطية).
يُعد رسم خرائط قاع المحيط بدقة أمرًا بالغ الأهمية لأسباب عديدة: بدءًا من الملاحة الآمنة ومد كابلات الاتصالات تحت الماء، ووصولًا إلى فهم تيارات أعماق البحار والمد والجزر والنشاط الجيولوجي مثل الصفائح التكتونية. تُسهم سمات قاع البحر، مثل الجبال البحرية والتكوينات الأصغر المعروفة باسم التلال السحيقة، في تشكيل كيفية انتقال الحرارة والمغذيات عبر أعماق المحيط، ما يُهيئ ظروفًا داعمة للحياة البحرية.
على الرغم من أن السفن المجهزة بالسونار قادرة على التقاط صور عالية الدقة لقاع البحر، فإن حوالي 25% فقط من المحيطات رُسمت بهذه الطريقة. ولتكوين صورة أكثر اكتمالاً، لجأ الباحثون بشكل متزايد إلى الأقمار الصناعية.
يغطي SWOT، وهو ثمرة تعاون بين ناسا ووكالة الفضاء الفرنسية CNES (المركز الوطني للدراسات الفضائية)، حوالي 90% من الكرة الأرضية كل 21 يومًا. ومن خلال عمليات الرصد المتكررة، يتمتع القمر الصناعي بحساسية كافية لالتقاط هذه الاختلافات الدقيقة، بدقة تصل إلى مستوى السنتيمتر، في ارتفاع سطح البحر الناتجة عن المعالم الموجودة أسفله.
استخدم ديفيد ساندويل، الجيوفيزيائي في معهد سكريبس لعلوم المحيطات، وزملاؤه بيانات تحليل SWOT على مدار عام كامل للتركيز على الجبال البحرية، والتلال السحيقة، والحواف القارية تحت الماء، حيث تلتقي القشرة القارية بالقشرة المحيطية.
اكتشاف جبال خفية
رصدت أقمار صناعية سابقة أشكالاً ضخمة من هذه المعالم القاعية، مثل جبال بحرية يزيد ارتفاعها على كيلومتر واحد. يستطيع قمر SWOT التقاط جبال بحرية يقل ارتفاعها عن نصف هذا الارتفاع، ما قد يزيد عدد الجبال البحرية المعروفة من 44 ألفا إلى 100 ألف جبل.
يُتيح التصور المُحسّن من خلال تحليل SWOT للباحثين فهمًا أعمق للتاريخ الجيولوجي للكوكب.
يقول ياو يو، عالم المحيطات في معهد سكريبس لعلوم المحيطات والمؤلف الرئيسي للدراسة: “تُعدّ التلال السحيقة أكثر التضاريس وفرةً على وجه الأرض، إذ تُغطي حوالي 70% من قاع المحيط.. لا يتجاوز عرض هذه التلال بضعة كيلومترات، ما يُصعّب رصدها من الفضاء. وقد فوجئنا بقدرة تحليل SWOT على رصدها بهذه الدقة”.
استخرج الباحثون تقريبًا جميع المعلومات المتعلقة بخصائص قاع البحر التي يتوقعون العثور عليها في قياسات تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات (SWOT). ويركزون الآن على تحسين صورتهم لقاع المحيط من خلال حساب عمق الخصائص التي يرونها. يُكمل هذا العمل جهود المجتمع العلمي الدولي لرسم خريطة لقاع البحر بالكامل باستخدام السونار المُستخدم على متن السفن بحلول عام 2030.
قال ساندويل: “لن ننتهي من رسم الخرائط الكاملة باستخدام السفن بحلول ذلك الوقت. لكن تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات (SWOT) سيساعدنا على استكمالها، مما يُقرّبنا من تحقيق هدف عام 2030”.
المصدر: Scitechdaily
اقرأ أيضا: